رئيس المكتب السياسي لحركة "حدس" بالكويت لـ"الخليج الجديد": تعديل النظام الانتخابي أحد أولويات مجلس الأمة القادم

الاثنين 12 يونيو 2023 10:13 ص

مصطفى الزواتي - الخليج الجديد

اعتبر رئيس المكتب السياسي لـ"الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس)، الجناح السياسي للإخوان المسلمين في الكويت، "عبدالرحمن العبدالغفور" أن النظام الانتخابي، المعروف بـ"الصوت الواحد"، يفرّق ولا يجمع ولا يشجع على العمل الجماعي ويقلل فرص التعاون بين الفئات السياسية، مشددا على أنه من الوارد جدا تعديله، باعتباره أحد الأولويات المهمة لنواب مجلس الأمة (البرلمان) القادم.

وفي 6 يونيو/حزيران الجاري، أُجريت انتخابات مجلس الأمة، وحصلت المعارضة على 35 مقعدا من أصل 50، ما يعني سيطرتها على البرلمان. ومنذ 2003، شهدت الكويت انتخاب 10 مجالس، ولم ينجح سوى مجلس واحد في إكمال مدته البالغة 4 سنوات، وفي ظل التشكيلة المتباينة للمجلس الجديد، لا يستبعد مراقبون أن يكون مصيره الحلّ كعادة السياسة الكويتية خلال العقدين الأخيرين.

وقال "العبدالغفور"، في مقابلة خاصة مع "الخليج الجديد"، إنه "يُفترض أنه حدث إجهاد لأجهزة الدولة لكثرة الانتخابات، ويُفترض أن يكون خيار حل مجلس الأمة هو آخر الخيارات بالنسبة للدولة".

وأضاف أن الانتخابات الأخيرة تأكيد لنتيجة انتخابات 2020، وتمثل الوجه العام للشارع الكويتي، مشيرا إلى أن الحركة رشحت 3 أشخاص فقط بشكل مباشر ونجحوا جميعا، بينما يوجد مرشحين آخرين يتفاوت قربهم وبعدهم من الحركة، ويتراوح عددهم بين 5 و7.

وشدد على أنه لا تواجد في مجلس الأمة تحالفات أو تجمعات سياسية، والتعاون كان كبيرا جدا في المجالس السابقة، وسيستمر مع التيار السفلي ومع مختلف النواب، حيث نتشارك معهم في هَمّ الإصلاح والبناء والتطوير.

وتطرق "العبدالغفور" إلى تعاون "حدس" مع الإسلاميين الشيعة في المجلس بقوله: "في القضايا الإسلامية كقضية القدس وغيرها يتم التعاون مع الجميع، وكذلك في القضايا التي تهم الوطن والمواطن نتعاون مع الجميع، ويختلف الموقف حسب التموضع من القضية المطروحة".

واعتبر أن الإصلاح السياسي هو المفتاح الرئيسي لإصلاح بقية القضايا، مؤكدا أنه بدون وجود استقرار سياسي وآلية تضمن إيصال أفضل المتنافسين إلى مجلس الأمة، سندور دائما في حلقة مفرغة ونعود إلى نقطة الصفر، لذلك البداية يجب أن تكون في الإصلاح السياسي عبر ضبط العملية الانتخابية واختيار آلية مناسبة للتصويت ووضع جهات رقابية عليها.

وفي ما يلي نص مقابلة "العبدالغفور" مع "الخليج الجديد":

نتيجة مميزة

كيف تُقيِّم نتائج الانتخابات بعد فوز المعارضة بـ35 مقعدا، خاصة أنها أُجريت في أجواء سياسية غير مستقرة، حيث تم حلّ مجلس الأمة لفترتين متتاليتين؟

نسبة المشاركة في الانتخابات تجاوزت 50%، وحلّ البرلمان كان غريبا، لكن الشعب كرر اختياراته كما في الانتخابات السابقة، وهذه أقل نسبة تغيير في تاريخ اختيار البرلمانيين الكويتيين (نحو 24%)، بينما في السابق كانت أقل نسبة تغيير بين مجلسين 38%، أي 19 مقعدا.

في هذه المرة وصلت نسبة التغيير إلى 12 مقعدا، فهناك فرق واضح عن المرات السابقة، وهناك ثلاثة لم يترشحوا مجددا للانتخابات، و9 خسروا المقاعد، والنتيجة هي 12 مقعدا. وبشكل عام ما حدث هو تأكيد لنتيجة انتخابات 2020، والتي تمثل الوجه العام للشارع وتعتبر نتيجة مميزة، والمخرجات لا يوجد فيها استثناء كبير، وبنسجم الكثير منها مع المطالب الكبيرة للشارع. 

ولماذا رشحت الحركة الدستورية بشكل مباشر 3 تابعين لها و4 آخرين بشكل غير مباشر ويُقال إنهم مؤيدون لها؟

الحركة رشحت 3 مرشحين لها بشكل مباشر ونجحوا في الانتخابات، وهناك مرشحون آخرون يتفاوت قربهم وبعدهم من الحركة، وبشكل عام كأي حركة سياسية تشهد مجاميع ثمّ يخرج منها وهكذا.

لكن بالنسبة لهؤلاء يبقى التوجه قريبا من مخرجات الحركة وتتفق معهم في الخط العام، معيار القرب يختلف من مرحلة إلى أخرى ويتغير فيها عدد النواب المقربين، لكن بشكل عام هناك تقارب مع مجموعة جيدة، غير النواب الذين فازوا من الحركة، وقد يصل عددهم بين 5 إلى 7 نواب، وهذا العدد لا يكون بشكل دائم.

ألا يعدّ ترشيح الحركة لثلاثة فقط عددا قليلا؟ ولماذا لم تدفعوا بمرشحين في الدوائر الأخرى؟

هذه تخضع لاعتبارات انتخابية ولفرص آخرين يتشاركون معنا في هَمّ الإصلاح وتكون فرصتهم كبيرة، ولضمان عدم تضييق الدوائر والفرص عليهم، كما أن النظام البرلماني في الكويت يعتمد على الفردية بشكل كبير ولا توجد بداخله مكونات بمعنى الحزبية الحقيقية، فالغرض هو وجود مجموعة لديها القدرة على إيصال الأفكار والمقترحات وتبني الآراء، وهذا هو الهدف الأساسي من التواجد البرلماني. 

التيار السلفي

التيار السلفي حصل على 3 مقاعد.. كيف ترون ذلك؟ وهل التحالف معهم وارد؟

داخل البرلمان لا توجد تحالفات، مجلس الأمة لا يوجد فيه أحلاف وتجمعات سياسية، أما التعاون فكان كبيرا جدا في المجالس السابقة، وسيستمر مع التيار السفلي ومع مختلف النواب، ونتشارك معهم في هَمّ الإصلاح والبناء والتطوير.

لا أعتقد أنه يوجد إشكال في التعامل مع أي من الأطراف الموجودة، وكانت هناك تجربة سابقة قبل أشهر مع النائبين السابقين حمد العبيد ومبارك الطشة، وكلاهما عاد (إلى مجلس الأمة) عن التجمع الإسلامي السلفي، وهناك قدر كبير من التأسيس والتعامل مع هذا التيار، وحاليا تمت إضافة نائب آخر من التيار السلفي. 

كيف تُقيِّم الوضع السياسي في الكويت؟ وهل يسمح المناخ السياسي العام بإفراز مجلس أمة قوي ينعكس إيجابا على الحكومة القادمة؟

في النظام السياسي بالكويت لا يرتبط تشكيل الحكومة إطلاقا بمخرجات مجلس الأمة، وإن كان المفترض أن يكون كذلك في قراءة لمخرجات الانتخابات والتعامل معها، لكنّ الواقع أن الاختيار الحكومي بعيد نسبيا عن قرار الاختيار الشعبي لأعضاء مجلس الأمة، لكننا متفائلون خيرا في المرحلة القادمة بأن التغيير والإصلاح قادم، وبأننا سنشهد تعاونا أفضل في المرحلة القادمة.

وهل سيكون مجلس الأمة قويا يضمن استقراره لأربع سنوات قادمة؟

قوة المجلس ليست متعلقة باستمراره لأربع سنوات، فقرار الحلّ غير متعلق بنواب المجلس وقراراتهم وآرائهم، وإنما سلطة وضعها الدستور في يد سمو الأمير، وبسبب خلاف ما بين النواب والحكومة أو لأسباب أخرى يتم حلّ المجلس، وفي العموم يُفترض أنه حدث إجهاد لأجهزة الدولة لكثرة الانتخابات، ويُفترض أن يكون خيار حل مجلس الأمة هو آخر الخيارات بالنسبة للدولة.

هل هناك ارتباط وانعكاس لمجلس الأمة على شكل الحكومة القادمة؟

نعم يُفترض في الحكومة، خاصة في رئيسها، أن يخضع لنتائج الانتخابات ويشكل حكومة تتناسب مع مخرجات الانتخابات ويقرأ الرسالة الشعبية التي أرسلها الناخبون عبر صناديق الاقتراع.

برنامج مشترك

وماذا عن التحالفات السياسية بين الحركة الدستورية والتيارات الأخرى، خاصة مع كتلة المعارضة الوطنية الإصلاحية؟ وهل جرت محاولات للتحالف مع أطراف أخرى؟

هي ليست كتلة نيابية بالمعنى الأوروبي أو بالمعنى الموجود في الديمقراطيات التي تحتوي على أحزاب واضحة، وإنما مجموعة من النواب يتفقون في مواضيع ويختلفون في أخرى، ويُطلق عليهم رمزيا مسمى "كتلة المعارضة الوطنية الإصلاحية".

وهل يوجد توافق بينكم وبينهم في قضايا؟

من المؤكد أن هناك برنامجا مشتركا، وهناك وثيقة تمّ عرضها منذ الانتخابات الماضية ولم تر النور بعد، وهناك توافق على أولويات وقضايا، سواء سياسية أو خدمية.. كلها موجودة وتمّ التوافق عليها وعرضها وبانتظار وجود البرلمان لتنفيذها.

وما طبيعة تلك الوثيقة؟

قدمت وثيقة لأبرز القوانين والمشاريع التي يرغب النواب في طرحها بمجلس الأمة، ويبقى السؤال كم نستطيع أن ننجز منها، فلو حققنا 60% يكون جيدا، وسيكون عرضها على شكل حزم من القوانين في مواضيع شتى، وسيكون فيها شقان: الأول، الإصلاح السياسي عموما، والثاني، في الجانب الخدمي للمواطنين.

النواب الشيعة

هل تسعون إلى تحقيق تعاون أكبر مع الإسلاميين الشيعة أم أن الأمر خارج حساباتكم؟

الشيعة حصلوا على 7 مقاعد بمختلف توجهاتهم من الإسلاميين وغير الإسلاميين، لكن في القضايا الإسلامية كالقدس وغيرها يتم التعاون مع الجميع، وأيضا في القضايا التي تهم الوطن والمواطن، ويختلف الموقف حسب التموضع من القضية المطروحة.

المرأة غائبة عن قوائم ترشيح الحركة الدستورية وتمثيلها ضعيف جدا في مجلس الأمة حيث فازت واحدة فقط.. فلماذا هذه الحالة؟

هذه الحالة طبيعية في الكويت، فمنذ إقرار الحقوق السياسية للمرأة، تراوح نسبة تمثيلها في مجلس الأمة بين صفر واثنتين، عدا انتخابات واحدة استثنائية فازت فيها 4 نساء بمقاعد، وهذا يعكس تقييم المجتمع وآراءه.

وما هي القضايا التي سيعمل عليها مجلس الأمة المقبل؟

الإصلاح السياسي هو المفتاح الرئيسي لإصلاح بقية القضايا، بدون وجود استقرار سياسي وآلية تضمن إيصال أفضل المتنافسين إلى مجلس الأمة؛ فسندور دائما في حلقة مفرغة ونعود إلى نقطة الصفر.

لذلك البداية يجب أن تكون في الإصلاح السياسي من خلال ضبط العملية الانتخابية واختيار آلية مناسبة للتصويت، ووضع جهات رقابية عليها، وتقديم بعض القوانين الخاصة في المحكمة الدستورية وغيرها وأيضا القوانين المتعلقة بالقضاء، بالإضافة إلى قوانين كثيرة تنتظر الإقرار فيما يتعلق بالتعليم والصحة والإسكان وغيرها.

الصوت الواحد

يبدو أنه سيكون على الحكومة المقبلة التنسيق مع المعارضة بعد فوز 35 مترشحا معارضا بمقعد في مجلس الأمة.

طبيعي أنه يجب على الحكومة أن تتعاون مع أصحاب المقاعد الكبيرة في البرلمان، فهذا من أبجديات أي عمل ديمقراطي، والحكومة بحاجة إلى قراءة نتائج الانتخابات والتمعن فيها والتعامل على أساسها.

ألا توجد نية لدى ما تُسمى بأطياف المعارضة من إسلاميين ووطنين وليبراليين وغيرهم لتكوين جبهة سياسية داخل مجلس الأمة؟

هناك نقاش على قضايا فقط، أما اتفاق وتوافق بشكل عام فغير موجود، هناك اتفاق على قضايا تفصيلية، وهذا الاتفاق يمثل أولوية لكثير من النواب.

هل السبب هو أن المناخ السياسي غير مؤهل لتشكيل مثل هذه التحالفات والتكتلات بما يفرز كتلة سياسية كبيرة؟

هذه طبيعة النظام الانتخابي الكويتي، الذي يتمثل في نظام الصوت الواحد، وهو نظام يفرّق ولا يجمّع ولا يشجع على العمل الجماعي، ونسبة الإنجاز فيه ضئيلة وهو ممزق للمجتمع بشكل عام، فهذا النظام يقلل فرص التعاون بين الفئات السياسية، لكن من الوارد جدا أن يتم تعديل النظام الانتخابي، فهو أحد الأولويات المهمة لنواب مجلس الأمة القادم.

(في الكويت، يتوزّع المرشحون على 5 دوائر انتخابية، كل دائرة يمثلها 10 نواب يتم انتخابهم بنظام الصوت الواحد الذي بدأ العمل في 2013، بعد أن كان يحق للناخب أو الناخبة الكويتية التصويت لأربعة مترشحين).

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الكويت حدس الحركة الدستورية الإسلامية عبد الرحمن العبد الغفور مجلس الأمة النظام الانتخابي

تمهيدا لتنويع الاقتصاد.. الكويت بحاجة إلى 3 إصلاحات انتخابية

بعد تجربة مصر وتونس.. هل تراجع كل الإسلاميين في الشرق الأوسط؟

حكومة ومجلس أمة جديدين بالكويت.. هل ينجحان في رأب الصدع؟