ماذا تعني الهند في عالم متعدد الأقطاب؟

الجمعة 25 أغسطس 2023 04:46 م

 

من السهل أن ننسى الماضي عندما يكون الحاضر حلواً. وفي أوقات الدفء بين الهند والولايات المتحدة، يجدر بنا أن نوضح كيف وصلنا إلى هنا.

 

بهذه الكلمات، يتناول مقال فيد شيندي في موقع "أوراسيا ريفيو"، وترجمه "الخليج الجديد"، محاولات الهند منذ أيامها الأولى كجمهورية شابة، الإبحار عبر ضغوط سياسات القوى العظمى، حيث كان الشعار الذي أحبت نيودلهي إطلاقه خلال التنافس الثنائي القطب في الحرب الباردة هو "عدم الانحياز"، وهي طريقة مهذبة للقول إننا أيضًا نريد أن نعتبر قطبًا، حيث آمنت القيادة الهندية المبكرة في عهد نهرو بمكانة الهند المحددة مسبقًا كدولة حضارية.

ووفقا للمقال، فقد كانت الحقيقة الباردة المتمثلة في الهزيمة في عام 1962 ضد الصين، بمثابة "درس صارخ لدلهي"، مضيفا: "الخطاب والحجج في المنتديات المتعددة الأطراف لا تشكل أهمية بالنسبة للأمن".

وبعد توازن قصير تجاه الولايات المتحدة، أدت الشعارات الأيديولوجية والشكوك العميقة في الدوافع الأنجلوأمريكية إلى دفع دلهي بعيدًا عن واشنطن.

وكان التصور السائد هو أن الولايات المتحدة، التي ضللها البريطانيون الماكرون، تعمل على تسمين باكستان في جنوب آسيا، الأمر الذي أثار القلق في دلهي.

التوازن

ويضيف المقال، أنه بحلول أوائل سبعينيات القرن العشرين، أدركت الهند أن التوازن كان جزءاً من اللعبة، وكان تساوي المسافة بين المعسكرين سبباً في إلقاء الخطابات المجاملة، ولكن ليس السياسة السليمة.

وفي عهد رئيسة الوزراء السابقة أنديرا غاندي (1980-1984)، تحركت الهند بشكل حاسم نحو الاتحاد السوفييتي.

ونتيجة لذلك، وصلت العلاقات الهندية الأمريكية إلى الحضيض.

ولم تكن هناك قضية لم يتمكن الطرفان من الجدال بشأنها، فقد ترك الدعم الأمريكي لباكستان في حرب 1971، العلاقة "ممزقة".

كما أن استعداد الهند المتصور لاستخدام الأسلحة النووية أثار غضب واشنطن.

كما أغلقت دلهي الباب أمام التجارة حيث طردت شركتي كوكا كولا وآي بي إم من الهند وتم نشر الخوف من "الإمبريالية الجديدة" لحشد الجماهير المحلية.

أحادية القطب

وفي الوقت نفسه، كان النظام العالمي ينتقل إلى مرحلة أحادية القطب نادرة نسبياً، حيث تتربع أمريكا على القمة.

كما أدى تفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1991 إلى انهيار افتراضات السياسة الخارجية التي عملت بها نيودلهي لعقود من الزمن، ولم يعد هناك متبرع يمكن أن يحملها على ظهره.

وفي عام 1991، فرضت المشاكل الاقتصادية في الداخل إصلاحات كانت في أمس الحاجة إليها؛ ومع ذلك، سارعت الهند بتحرير التجارة قبل بناء الكفاءات المحلية.

ولم يتم الالتفات إلى التوجه العملي الذي تبناه الزعيم الصيني دنج شياو بينج، فيما يتصل بإصلاح السوق الداخلية في وقت مبكر، ثم تحرير التجارة بعد بضعة أعوام.

وكانت الصين قد طبقت نسختها من الإصلاحات الاقتصادية قبل 12 عاماً من الهند.

وبعد الإصلاحات التي نفذتها الهند، أصبحت المشاركة الاقتصادية أخيرا أحد العوامل الدافعة لبدء المحادثات بين الولايات المتحدة والهند.

ومع ذلك، فإن قرار الهند بالإعلان عن نفسها كقوة نووية في عام 1998 كان سبباً في عرقلة العلاقة الناشئة.

وبعد الكثير من الشوق الدبلوماسي، استقرت العلاقات نحو الأفضل.

وأخيرا وقع الجانبان على الاتفاق النووي المدني التاريخي في عام 2008.

ورغم أن النتائج العملية للاتفاق كانت ضئيلة، إلا أن واشنطن أذعنت لتطلعات الهند باعتبارها قوة آسيوية.

علاوة على ذلك، شعرت الولايات المتحدة بعدم الارتياح إزاء صعود الصين الهائل في آسيا، حيث ساعد الحفاظ على علاقات جيدة مع دلهي في تحقيق التوازن مع بكين.

ومع ذلك، فإن الشكوك الهيكلية للولايات المتحدة في البيروقراطية الهندية وتجاوزات واشنطن المضللة في الخارج أقنعت الهند بأن السعي إلى عالم "متعدد الأقطاب" كان حاجة الساعة.

واستخدمت دلهي منتدى روسيا والهند والصين، بالإضافة إلى مجموعة "بريكس" كآليات تحوط ضد واشنطن القوية للغاية.

وكان المقصود من التحالف مع هذه القوى الناشئة الأخرى ضمان التعددية القطبية.

تهديد الصين

وفي العقد الماضي، بدأت أوهام الهند الاستراتيجية تتجلى، بعدما نجحت الصين في تأمين مكانتها باعتبارها التحدي الرئيسي الذي يواجه الهند.

وقد أقنعت سلسلة من الاشتباكات على حدود الهيمالايا ونفوذ بكين المتزايد في جنوب آسيا دلهي بأن بكين هي الشغل الشاغل لها.

كما أدت شراكة الصين مع باكستان في كافة الأحوال، والتقويض الاقتصادي للهند، والطموحات البحرية التوسعية، إلى خلق الشكوك حول دوافع الصين على المدى الطويل في دلهي.

والآن، عندما تدعو الهند إلى "عالم متعدد الأقطاب"، فإنها توضح بكل وضوح أن آسيا المتعددة الأقطاب تشكل شرطاً ضرورياً لعالم متعدد الأقطاب. وفي جوهر الأمر، فإن النظام الآسيوي مجزأ.

كما أن الصعود الهائل للصين لا يعني أن بكين قادرة على التصرف مثل المافيا المحلية.

كما أن آسيا أصبحت ساحة للتنافس، حيث تعمل العديد من القوى الناشئة والمتوسطة على حماية هويتها وسيادتها بهدوء، بينما تعمل الولايات المتحدة والهند معًا لدعم هذا الواقع وضمان الاستقرار".

وقد أدركت دلهي أيضًا أن الولايات المتحدة ضرورية لنموها الاقتصادي.

ويختتم المقال بالقول إن "رأس المال والتكنولوجيا الأمريكيين يشكلان أهمية حاسمة في تحول الهند، كما يرتبط مصير الهند في العقود المقبلة ارتباطاً وثيقاً بالولايات المتحدة، سواء كانت الصين جارة لها أم لا".

المصدر | فيد شيندي/ أوراسيا ريفيو – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الهند الصين دلهي الولايات المتحدة الأقطاب

هل تنجح سياسة التحالفات المتعددة في الهند؟