إيكونوميست: حفتر يستغل كارثة فيضانات ليبيا لبسط نفوذه

السبت 23 سبتمبر 2023 06:59 ص

اللواء الليبي المتعاقد خليفة حفتر، وأفراد عائلته، متهمون بتعميق حجم المعاناة الإنسانية التي يواجهها المدنيون في درنة، عقب كارثة الفيضانات الأخيرة، والتباطؤ في عمليات الاستجابة والتدخّل لدعم سيطرته ونفوذه الذي يفرضه على مناطق شرق ليبيا.

هكذا تحدث تقرير لمجلة "إيكونوميست"، وترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أن أمير الحرب "يحاول استخدام الفيضان في ليبيا لتعزيز قوته، وابنه المسؤول عن لجنة الرد على الكوارث"، وسط توقعات بتعليق المحادثات لعقد الانتخابات.

ويقول التقرير إن الساسة الذين تعوزهم البراعة يعرفون أن اتباع النص بعد كارثة هو الوسيلة الأفضل، أي التعاطف مع الناجين وتهدئتهم والثناء على عمال الإغاثة، والتعهد بإعادة بناء ما خربته الكارثة.

ويضيف: "أما بالنسبة للبلطجية الذين يسيطرون على شرق ليبيا، فأي مظهر من مظاهر الكياسة والتعاطف هو كفاح".

ويصوّر التقرير مشهد تفقّد حفتر مرتديا زيا عسكريا لآثار الدمار التي خلّفتها الفيضانات داخل مدينة درنة ممتطيا سيارة هامفي عسكرية، حيث ظهر بمظهر القائد القاهر، وليس الحاكم النادم، بالقول إن "هذا الجنرال لم يتورّع عن إلقاء اللوم على الضحايا في وفاتهم، والتنصّل من أيّ مسؤولية عن عدم ترميم البنية التحتيّة والسدود المتهالكة والاستعداد للتعامل مع الإعصار".

وحفتر، الذي قاد حملة عسكرية للسيطرة من جانب واحد على جزء كبير من شرق ليبيا منذ عام 2014، قام بجولة في درنة الجمعة، وأشاد بمن بادروا بعمليات الإنقاذ وكذلك أعضاء الجيش الوطني الليبي، وهو تحالف من الميليشيات يشرف عليه حفتر، الذي يتهمه منتقدوه بإدارة المناطق الخاضعة لسيطرته بشكل يشبه الديكتاتور العسكري.

ورغم إشادة حفتر، إلا أن التقرير يقول: "كانت الاستجابة صماء، وهذا ليس مفاجئاً، فحفتر الذي يسيطر على شرق ليبيا لا يهمه سوى تقوية وتعزيز موقع عائلته"، مضيفا: "كارثة كان يمكن منعها هي فرصة له لتوطيد سلطته".

ووصف شهود العيان مشاهد يأس شامل في درنة، ففي بداية الشهر، أحاط بها إعصار دانيال المتوسطي، وأدى منسوب المياه غير العادي لانهيار سدّين في جنوب المدينة، وانسابت مياه الفيضان عبر الوادي الذي يقطع المدينة، واجتاحت، وبدقائق، أحياء بكاملها.

وتقول منظمة الهلال الأحمر الليبي إن أكثر من 11 ألفا شخصاً ماتوا، وقالت منظمة الصحة العالمية إنها تعرّفت على هوية 4 آلاف جثة، إلى جانب 9 آلاف شخص في عداد المفقودين.

ولن تعرف حصيلة القتلى إلا بعد أشهر، هذا لو عرفت، وفق الصحيفة، حيث تم جرف العديد من الجثث للبحر، أو دفنت تحت الأنقاض.

تقول المجلة البريطانية، إنه كان يمكن الحدّ من خطر الفيضانات، لو استثمرت ليبيا في إصلاح السدود التي يبلغ عمرها نصف قرن، "لكن حفتر لا يهتمّ بتحديث البنية التحتيّة في البلاد".

أما ابنه صدام المسؤول عن تنسيق جهود الإغاثة، فقد اكتفى بترديد تطمينات فضفاضة قبل الإعصار، قائلا لأحد صحفيّي قناة "سكاي نيوز": "لا تقلق كل شيء على ما يرام".

ويضيف التقرير أن سيطرة صدام حفتر على إدارة عمليات الإغاثة "تُعزّز سيطرة أسرته في مقابل تقديم قليل من المساعدات للناجين".

أما الصديق، وهو نجل حفر الثاني، فيرصد التقرير ترويجه ادّعاءات عن تجاهل سكان درنة لتحذيرات والده قبل الكارثة لمغادرة المنطقة، قائلا في تصريح إعلامي: "لقد استشعر والدي بفضل قيادته الحكيمة، الأمور قبل وقوع الكارثة"، إلا أن الوقائع تثبت أن اللواء الليبي المتقاعد لم يصدر أيّ أمر إخلاء.

وتلفت "ذي إيكونوميست" في السياق ذاته، إلى أن الصديق حفتر سعى قبل الكارثة للترشّح للانتخابات الرئاسيّة، ولكن الفيضانات قد تجهض مساعيه للوصول إلى هذا المنصب، وهو الأمر الذي "لن يزعج خليفة حفتر، الذي يدير شرق ليبيا وليس من مصلحته إجراء انتخابات نزيهة".

كما يكشف التقرير، "إلغاء الانتخابات البلديّة في درنة في وقت سابق من سبتمبر/أيلول، بعد قيام رجال حفتر باعتقال المرشّح الأوفر حظا".

وبالعودة إلى الكارثة، وعلى الرغم من تدفّق المساعدات الدولية على المناطق المنكوبة، إلا أن جهود الإغاثة واجهت صعوبات كبرى في ظلّ الانقسامات السياسية، حيث يدير نظامٌ منافس الجزءَ الغربي من البلاد.

وتسبب هذا الانقسام، وسوء التعامل مع الكارثة في اكتظاظ المستشفيات، والجثث المتناثرة التي تُثير المخاوف من انتشار الأوبئة، الأمر الذي أشعل فتيل الغضب الشعبي داخل درنة.

وفي 18 سبتمبر/أيلول، تجمّع مئات المتظاهرين الغاضبين أمام أحد المساجد في المدينة، وردّدوا هتافات مناهضة لرئيس برلمان شرق ليبيا عقيلة صالح، وقام البعض بحرق بيت عمدة درنة والذي علق عمله بعد الفيضان، وهو ابن أخ صالح.

ورغم أن الحشود لم تكن كبيرة، إلا أنها كانت مؤثّرة من وجهة نظر قوات حفتر التي تدير المدينة حسب تعبير المقال.

وفي اليوم التالي، كانت ردّة الفعل، حين قطعت الاتصالات الهاتفية والإنترنت عن درنة، مع أن السلطات بررت القطع بأنه عطل في كوابل الألياف الضوئية.

فيما تلقّى الصحفيون أوامر بالمغادرة خلال ساعات، ومُنع فريق تابع للأمم المتحدة درنة من دخول المدينة، رغم أنه كان من المقرر سفره من مدينة بنغازي إلى درنة.

ويخشى الليبيون من  تحضير حفتر لقمع وحشي، وبخاصة أنه حاصر المدينة لعدة أشهر لمواجهة جماعات إسلامية.

يقول المحلل المختص بشؤون ليبيا عماد الدين بادي: "يوجد كيان عسكري يخلق اختناقات بدلاً من أن يفضي إلى توفير الإغاثة".

ويضيف: "لا تحاول القيادة العسكرية دفع جهود الإغاثة، نظرا لأن لها مصلحة خاصة في الظهور وكأنها تسيطر على الأمور مع التهرب من المسؤولية وإلقاء اللوم على الضحايا".

يشار إلى أن الأمم المتحدة كانت تأمل في عقد الانتخابات بنهاية العام الجاري لإنهاء الانقسام، إلا أنه من المؤكد أنها ستعلق بسبب الكارثة.

ويعلق التقرير على ذلك بالقول: "هذا لن يضايق حفتر الذي يدير شرق ليبيا كنظام عسكري، وليس مهتماً بانتخابات نزيهة".

ويخلص التقرير إلى أن حفتر ليس الوحيد "الذي يتنصّل من المسؤولية ومن الأخطاء التي ارتكبها بإلقاء اللوم على عوامل أخرى" حسب تعبيره.

وذكّرت "ذي إيكونوميست" بحديث رئيس الجمهورية التونسي قيس سعيّد، عن التسمية العبريّة للإعصار دانيال بالقول: "بالنسبة إلى سعيّد، لم يكن هذا من قبيل الصدفة، لقد كان دليلا على مدى عمق تغلغل الصهاينة في العقل والفكر".

ويختتم: "يحتاج الليبيون المساعدة من حكامهم وجيرانهم، وكل ما حصلوا عليه القمع والتعالي، وأحياناً معاداة للسامية"، وفق التقرير.

المصدر | إيكونوميست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ليبيا فيضانات ليبيا كارثة حفتر شرق ليبيا درنة استغلال ديكتاتورية

حكومة البرلمان الليبي: 8 فرق دولية لا تزال في المناطق المنكوبة

حفتر يزور روسيا لإجراء مباحثات.. وبنغازي: تلبية لدعوة رسمية

بعد كارثة الفيضانات.. لهذا الأسباب كانت ليبيا الأكثر عرضة للتغيرات المناخية

ف. تايمز: لماذا نجا حفتر من الغضب الشعبي المتوقع بعد كارثة فيضانات درنة؟

فيضانات لييبا.. حبس 4 مسؤولين جدد وصرف التعويضات خلال أيام

إصدار مجلس النواب الليبي لقوانين الانتخابات.. ماذا يعني؟