فورين بوليسي: القاهرة بحاجة للمال وغزة بحاجة لمأوي.. هل يمكن إنجاز صفقة؟

الأحد 22 أكتوبر 2023 01:24 م

القاهرة بحاجة إلى المال وسكان غزة بحاجة إلى المأوى.. هل يمكن إنجاز صفقة؟.. حمل آدم توز، كاتب العمود في مجلة "فورين بوليسي" هذا التساؤل، محاولا تقديم إجابة واقعية تحليلية عليه، في ضوء وضع القاهرة الاقتصادي شديد الحساسية، والمستجدات السياسية  التي تفرضها الأوضاع الميدانية القائمة حاليا في غزة.

ويعتبر توز أنه من الطبيعي أن تكون مصر حاليا أكثر الدول التي يتم جرها إلى الصراع في غزة، باعتبارها دولة حدودية مع القطاع، وقد باتت الآن في مركز الدبلوماسية فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، والحركة المحتملة للاجئين الفلسطينيين، وربما التفاوض على وقف إطلاق النار.

وضع مالي هش

ومع ذلك، قبل الحرب، كانت مصر تحتل أيضا مكانا متميزا في نشرات الأخبار، ولكن للحديث عن وضعها الاقتصادي والمالي الحرج، كما يقول الكاتب، حيث كان الخبراء يراقبون مشاكل الديون المتصاعدة بقلق متزايد.

وفي الصيف الماضي، أعلن وزير المالية المصري محمد معيط أنه من المتوقع أن تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 97% خلال الصيف، وهي زيادة هائلة بنسبة 16.8% عن يونيو/حزيران 2022.

هل ينبغي لمصر أن تتفاوض للحصول على مساعدات اقتصادية أو صفقة إسقاط ديون مقابل استقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة في سيناء؟

يرى توز أن مصر لها تجربة سابقة في مقايضة الديون الاقتصادية بالتحركات السياسية، وبالتحديد خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك خلال حرب الخليج الأولى عام 1991، فعندما كان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يحشد قوة عسكرية ضخمة لطرد صدام حسين من الكويت، ساهم الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك بفرقة مصرية كاملة في تلك العملية العسكرية مقابل تخفيف عبء الديون بنحو 10 مليارات دولار.

لذلك، فإن مثل هذا النوع من الصفقات ليس غريبا على القاهرة، كما يقول الكاتب، لكن في حالة غزة وسيناء هناك بعض التفاصيل المختلفة، برأيه.

"حماس" والإخوان

فمن وجهة نظر مصر، فإن السبب العملي لعدم الترحيب بشكل خاص بالفلسطينيين في غزة هو أن القوة السياسية المهيمنة في غزة هي "حماس"، وهي السليل الفلسطيني المباشر لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تعد الخصم اللدود للنظام المصري حاليا، وحتى هي الخصم الأبرز للأنظمة العسكرية التي تحكم البلاد منذ الخمسينيات من القرن الماضي، كما يقول توز.

ويضيف: من ثم فإن الترحيب بمجموعة كبيرة من الموالين لحماس من غزة إلى مصر، إلى شبه جزيرة سيناء، هو آخر ما يدور في ذهن القاهرة.

هناك سبب أخر، متعلق بالوضع الفريد لسكان غزة كلاجئين فلسطينيين مهجرين من أراضيهم بالأساس، فغزة مكونة في الأساس من عدة مخيمات، والأمر الحاسم هنا هو أن إسرائيل لا تعترف بحق عودة النازحين الفلسطينيين من قراهم، وهو ما سينطبق على سكان غزة إذا تم تهجيرهم إلى سيناء، رغم الوعود من تل أبيب بالسماح بعودتهم بعد الانتهاء من تدمير "حماس".

وعلى أية حال، من الناحية السياسية، فإن قيام النظام في القاهرة بفتح أبوابه سيكون في الأساس – وهذا ما يخشونه – تأييدًا لما يمكن أن يسمى التطهير العرقي، يقول الكاتب.

هاجس أمني آخر

يخشى المصريون، فوق كل شيء آخر، أنهم إذا رحبوا بهذا "السكان" اللاجئين، فإنهم سيوفرون ملاذاً للسكان الفلسطينيين الذين يشعرون الآن بالاستياء ثلاث مرات، والذين سيكونون ملزمين بعد ذلك، على الأرجح، بشن عمليات عسكرية وهجمات حرب العصابات ضد إسرائيل، انطلاقا – هذه المرة – من الأراضي المصرية، وهو ما يهدد بنسف اتفاق السلام المصري الإسرائيلي الذي تم التوصل إليه  عام 1979.

ويمضي آدم توز بالقول إن مصر باتت "قصة انحدار دراماتيكية بالكامل"، بعد أن كانت واحدة من أعظم مهود الحضارة في العالم.

ويقول إن هناك فشلا من قبل الأنظمة المصرية، لا سيما العسكرية، في احترام النظام لأي عقد اجتماعي، بشكل أساسي، مع الشعب المصري. وهذا يدفع القاهرة إلى موقف قمعي متزايد، وهو ما يقوض في نهاية المطاف شرعيتها، وتسبب في سقوط نظام مبارك في 2011، ثم جاء الإخوان المسلمون ليحكموا عاما واحدا، لتعود البلاد إلى الديكتاتورية العسكرية القمعية مجددا.

مصر مع السيسي

وبعد 10 سنوات من حكم السيسي، يقول الكاتب إن مصر لم  تعد لاعبا رئيسيا في المنطقة، وبالكاد أصبح السيسي "مجرد عميل لكن أكبر من أن يفشل"، لأسباب متعلقة بصداقات مصر وعدد سكانها الضخم وإمكانية تسببها في زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي، وهو ما يعول عليه قيادات البلاد الآن.

وتطرق توز إلى المشروعات الضخمة التي أقامها السيسي وتكلفت مئات المليارات من الدولارات، والتي باتت تلك التكلفة، الممولة بالديون بشكل أساسي، عبئا كبيرا على البلاد حاليا، وجعلت تلك الأعباء ملايين المصريين يكافحون الآن بصعوبة من أجل حياة أفضل.

ويشير إلى أن الإصلاح الجذري للاقتصاد المصري يتطلب إجراءات صعبة، مثل التوسع في الخصحصة وترك العملة الوطنية (الجنيه) لسوق العرض والطلب، لكن ذلك سيترتب عليه حالة طوارئ اجتماعية صعبة، نظرا لأن هناك عددا كبيرا من الفقراء في مصر.

المصدر | آدم توز / فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر غزة سيناء تهجير أهالي غزة ديون مصر السيسي

لفتة نادرة.. الإخوان تشيد بموقف مصر من دعوات تهجير أهالي غزة

حرب غزة.. فياننشال تايمز: أوروبا تسعى لاتفاق مع مصر لمكافحة الهجرة