توصل قادة دول الخليج لاتفاق مساء اليوم الأحد على عودة سفراء السعودیة والبحرین والإمارات إلى الدوحة وعقد القمة الخليجية رقم 35 في موعدها بقطر في ديسمبر/كاون الأول المقبل، بعدما تم حل عدد من الاشكاليات بين قطر وكلا من البحرين والامارات.
وكانت مصادر مطلعة كشفت عن أن عودة هؤلاء السفراء ستكون قبل اجتماع القمة الخليجية السنوية في شهر ديسمبر/كاون الأول، وقامت الرياض والكويت بعدة وساطات لحل مشكلة عقد القمة وحل الخلافات.
والتقى مساء اليوم في الرياض، قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربي في قمة استثنائية، أعقبت جهود كويتية للوساطة وتقريب وجهات النظر.
وبينما غابت سلطنة عمان عن القمة، نظرا لحالة السلطان «قابوس» الصحية وانشغال وزير الدولة لشؤون الخارجية العماني «يوسف بن علوي» بزيارة لطهران، شارك أمير الكويت «صباح الجابر الصباح» وأمير قطر «تميم بن حمد» وملك البحرين «حمد آل خليفة» ونائب رئيس دولة الإمارات حاكم دبي «محمد بن راشد» وولي عهد أبوظبي الشيخ «محمد بن زايد».
تفعيل التعاون الخليجي
وتقول مصادر دبلوماسية عربية أن هذا الاتفاق تم علي خلفية سعي السعودية لتفعيل التعاون الخليجي والتحرك المنفرد بعيدا عن الاستراتيجية الأمريكية في سوريا لمواجهة تنظيم «داعش» ونظام «بشار الأسد» علي السواء بعدما رفضت الإدارة الأمريكية أي تغيير في استراتيجيتها ضد الأسد بما يتعارض مع أراء كل دول مجلس التعاون الخليجي تقريبا، ولهذا رؤي حل المشاكل الداخلية للتفرغ للتهديدات الخارجية.
وأضافت المصادر المطلعة أن عودة سفراء كل من السعودية ودولة الإمارات والبحرين يرجع إلى عاملين الأول يتعلق ببعض القضايا الخلافية المتبقية ومنها موضوع التجنيس حيث تعهدت قطر بعدم تجنيس أي جنسيات خليجية (مثلما حدث مع بعض المعارضين في البحرين) والثاني لوجيتسي نظرا لعقد اجتماعات وزارية تحضيرية قبيل عقد القمة الخليجية في المجالات الأمنية والدفاعية والاقتصادية لذلك لابد من عودة السفراء ليكونوا موجودين خلال الاجتماعات المقبلة التي ستعقد في اكتوبر ونوفمبر المقبلين بالدوحة.
جهود متواصلة
وشهدت العلاقات بين السعودية وقطر انفراجه منذ قرابة 4 أشهر أي منذ توجه الأمير «تميم بن حمد» أمير قطر في شهر يوليو الماضي ( أواخر رمضان الماضي) إلى جدة واستقبله خادم الحرمين الشريفين الملك«عبد الله بن عبد العزيز» والأمير «سلمان بن عبد العزيز» ولي العهد وكبار الامراء والمسئولين السعوديين ثم توجه الأمير «متعب بن عبد الله بن عبدالعزيز» وزير الحرس الوطني إلى الدوحة في 11 اغسطس الماضي واستقبله أمير قطر وأقام له مادبة غداء تكريما له.
وهذه المباحثات أعقبتها زيارة قام بها الأمير «سعود الفيصل» وزير الخارجية بصحبة رئيس الاستخبارات السعودية ووزير الداخلية السعودية إلى الدوحة حيث استقبلهم أمير قطر ثم واصلوا جولتهم بزيارة كل من أبوظبي والمنامة، وكل هذه الزيارات أدت في النهاية إلى إعادة المياه إلى مجاريها والامور الى طبيعتها ولم يتبق إلا عودة السفراء.
وقد قامت السعودية من خلال وزير الخارجية الأمير «سعود الفيصل» بسلسلة خطوات لتحقيق التقارب وإذابة الجليد لمواجهة القادم وما هو أصعب ( تهديدات داعش في العراق وسوريا ) وقالت مصادر خليجية خاصة أن «هذا له أولوية قصوى في المرحلة الحالية سواء على الصعيد العربي أوالاقليمي أو الدولي».
التزامات
وكان الشيخ «خالد آل خليفة» وزير خارجية البحرين قال – قبل الإعلان عن الاتفاق - أن عودة سفراء البحرين والسعودية والإمارات إلى الدوحة مرهونة بتنفيذ دولة قطر لاتفاقية الرياض التي وضعت أسسا جديدة للعلاقات بين دول الخليج، وقال: إن فريق من المختصين في دول المجلس يجري اجتماعات في العاصمة السعودية من أجل وضع آليات لتنفيذ بنود الاتفاقية، مشيرا إلى أن الدوحة منحت فترة زمنية من أجل الالتزام بتلك الاتفاقية.
وقال الشيخ «خالد» أن المصالحة بين دول المجلس وضعت آلية ويجري الآن التحقق من تنفيذها، وتابع: «هناك شروط يجب على الدوحة أن تنفذها لعودة السفراء»، لم يفصح عنها، مكتفيا بالقول: «هي شروط موجودة في اتفاقية الرياض»، وعد تنفيذ الاتفاقية التي وقعها القادة «الهدف ولكن لم يتم الوصول إلى هذه المرحلة».
وأشار وزير الخارجية البحريني لقلق دول الخليج من خطر أخر غير «داعش» هو «النووي الإيراني» حيث قال: «إن «سياسات إيران في المنطقة لا تخدم أمن دولها ولا تخدم علاقاتها بدول المنطقة وتتطلع دول المجلس إلى أن تغير إيران من سياساتها».
أيضا قال الأمير «تركي الفيصل» رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية إن أكبر خطر يهدد دول المجلس هو الشرخ في العلاقات بين دوله بسبب قوى وجماعات لا تريد الخير لها.
وعد الفيصل، إيران المهدد الأول للأمن الإقليمي الخليجي والعربي بسبب شغف القيادة في طهران بالهيمنة السياسية، والتدخل في شؤون الغير، إضافة إلى غموض نواياها حول امتلاك سلاح نووي أو دعم النظام الطائفي بالعراق أو احتلال الجزر الإماراتية أو دعم جماعات يمنية لتفتيت الدولة اليمنية.
بالمقابل طالب «محمد عبد الغفار» مستشار الملك للشؤون الدبلوماسية بإعادة النظر بالتحالفات المحلية والإقليمية لا سيما أن الأحداث الأخيرة أثرت على التحالفات الكبرى وتفكيك الروابط بين التحالفات وطالب بوضع استراتيجية شاملة ودفاع مشترك وردع متوازن وأخيرا أكد على أهمية مواصلة التعاون تحت مظلة دول التعاون الخليجي وتعزيزها.