انخفاض أسعار النفط قد يعرقل خطط الإنفاق الخليجية

الاثنين 24 نوفمبر 2014 09:11 ص

يهدد انخفاض أسعار النفط بتقليص النفقات التي استخدمتها حكومات دول الخليج الغنية بالطاقة لحشد الدعم منذ اندلاع الربيع العربي عام 2010م.

وقد يعمل الانخفاض المستمر في أسعار النفط على تقليص مشتريات الأصول الأجنبية من قبل حكومات البحرين وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت ما يضع عبئًا على نمو البناء في مرحلة ما بعد الربيع العربي؛ والتي استفاد منها الكثير من المقاولين من جنسيات متعددة.

وقد يكون لمثل هذه النظرة آثارًا على أسواق الأصول العالمية، والسياسات الإقليمية، وسرعة وتيرة طفرة التنمية التي ضخت الحكومات مئات المليارات من الدولارات لأجلها واستفاد منها العديد من الشركات الأجنبية.

وبدأ الساسة الخليجيون محادثاتهم بكل صراحة بشأن ضبط عمليات الإنفاق وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن الطاقة.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري وصف «محمد بن حمد الرمحي» - وزير النفط والغاز العماني – انخفاض الأسعار بــ”التحدي“، معللاً ذلك بأن بلاده تعتمد على النفط، مُضيفًا لصحيفة «مسقط ديلي» أن «انخفاض أسعار النفط سيؤثر على ميزانية الدولة».

وقد ساعد ارتفاع أسعار النفط الحكومات الخليجية في محاولاتها تجنب ذلك النوع من الاضطرابات التي أطاحت بالأنظمة في تونس ومصر عام 2011م. وللحفاظ على رضا مواطنيهم؛ تستخدم الأسر الحاكمة عضلاتها المالية التي تعمل بطاقة الوقود للبدء في بناء المدارس والمستشفيات والسكن للمواطنين ومدّ الطرق ومشاريع اجتماعية أخرى.

وقفز الإنفاق الحكومي للدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط فوق 700 مليار دولار عام 2011، ونما بنحو 15٪ سنويًا حتى هذا العام، ثم عادت معدلات الزيادة لتتباطأ من جديد بحسب تقديرات «معهد التمويل الدولي».

ومن جانبه؛ قال «جون سفاكياناكيس» - المدير الإقليمي لشركة أشمور لإدارة الاستثمارات في الرياض: «في حالة أن العائدات ليست وشيكة فستضطر لدفع شيء. وفي نهاية المطاف بعض من هذه المشاريع الضخمة ستُجبَر على الإبطاء».

وإذا واصلت أسعار النفط انخفاضها إلى ما دون 80 دولارا للبرميل بعد أن تجاوزت 100 دولارا في يوليو/تموز الماضي فمعنى ذلك أن التباطؤ سيستمر أيضا.

ويُعدُّ حجم عجز الميزانية القادمة هو الأكبر في المملكة العربية السعودية صاحبة الاقتصاد الرائد في منطقة الخليج. وأنفقت المملكة العربية السعودية العام الماضي 265 مليار دولار بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي. وإذا لم تغيّر السعودية سياستها المالية فستخطو سريعًا نحو عجز في الميزانية يصل إلى 1.4٪ من الناتج الاقتصادي في العام المقبل رغم ما تمتلكه من ثروت هائلة.

وتابع صندوق النقد الدولي مؤكدًا أن المملكة العربية السعودية تحتاج إلى تداول أسعار النفط عند مستوى 97.50 دولار للبرميل هذا العام للحفاظ على إنفاقها دون حدوث عجز أو اللجوء للاحتياطيات.

وانخفضت أسعار النفط دون مستوى ميزانية نقطة التعادل في السعودية يوليو/تموز الماضي، وما زالت دونه منذ ذلك الحين. مستويات التعادل لدول الخليج - ما عدا قطر والكويت - هي بالفعل أعلى من أسعار النفط الحالية.

واستقرت العقود الآجلة للنفط الخام الحلو والخفيف عند 76.51 دولار للبرميل في نيويورك الجمعة الماضية. أما خام برنت فتم تداوله بمعدل حوالي 110 دولارا للبرميل بين عامي 2011 و 2013م.

وتضخم الإنفاق أيضًا في دولة الإمارات العربية المتحدة في الوقت الذي تعهدت فيه أبوظبي العام الماضي بــ90 مليار دولار لبناء مشروعات تنتهي بحلول 2017 م - الكثير منها بمساعدة شركات أجنبية. وجاءت البحرين وقطر وعمان أقل إنفاقا بينما الكويت أقل منهم جميعًا.

وقد يشحذ كبار مصدري الطاقة في منطقة الخليج - المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر – أسلحتهم محاولين التصدي لانخفاض أسعار النفط. وبصفتهم أكثر نفوذ في منظمة «أوبك» فقد يتوصلون إلى اتفاق بخفض الإنتاج في محاولة لدعم الأسعار. ولكن المجموعة فشلت حتى الآن في التوصل إلى اتفاق بشأن كبح جماح الإنتاج، وليس من الواضح مدى تأثير «أوبك» على الأسعار إذا نجح الأعضاء بالفعل في التوصل إلى اتفاق.

وقد تلجأ الدول إلى إصدار ديون أو الاستفادة من مدخرات الحكومة إذا فشلت عائدات النفط الحالية في دفع النفقات المخطط لها متغلبًا عليها لحين إجراء تعديلات الميزانية.

وصرح «هارالد فنجر» - رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للإمارات – أن دولة الإمارات العربية المتحدة - على سبيل المثال – «ليست بحاجة في الوقت الحالي لضبط الميزانية بسرعة كبيرة لتتماشى مع انخفاض الإيرادات» نظرًا لوجود هيئة أبوظبي للاستثمار وغيرها من صناديق الأصول السيادية.

ولا تزال دول الخليج مترددة في استنزاف صناديق الثروة السيادية، والتي تقدر معًا بأكثر من تريليون دولار، تاركة عمليات خفض الإنتاج كخيار أخير تلجأ إليه بدلاً من الاقتراض.

وقد تُعرّض تلك التخفيضات الإنفاق الذي كان بمثابة هدية للشركات والمستثمرين الأجانب للخطر. وفازت شركة البناء «رويال داتش» الأمريكية و«سيمنز إيه جي» الألمانية بعقود مساعدة في مد خطوط مترو أنفاق في الرياض العام الماضي بقيمة 23.5 مليار دولار، وفي السياق ذاته وقعت شركة «شل بي إل سي» صفقة في عام 2012م مع «قطر للبترول» لبناء مجمع جديد ضخم للبتروكيماويات في قطر.

وإذا قررت دول الخليج الاعتماد على الصناديق السيادية فقد يؤدي ذلك إلى انسحاب بعض المستثمرين التابعين للمؤسسات أكثر نشاطًا على الساحة العالمية.

وقد أنفقت دول الخليج مليارات الدولارات في السنوات الأخيرة على كل شيء من العقارات في لندن إلى البنية التحتية في أستراليا والولايات المتحدة، وعملت بمثابة داعم مالي رئيسي لبنوك غربية كبرى في خضم الأزمة المالية. لقد ساعدت الأموال الإماراتية والقطرية في إنقاذ «سيتي جروب» وبنك «باركليز»  في عامي 2007 و 2008.

وفي عصر تزداد فيه إجراءات التقشف؛ ربما تساعد تلك الصناديق في استثمارات جديدة تعتمد على الأرباح ومكاسب الاستثمار، ولكن تدفق الأموال الخليجية في الأسواق العالمية قد يكون أبطأ.

ودفع التحول نحو الإنفاق المحلي بالفعل نحو تغييرات في مخصصات الصندوق السيادي في قطر، حيث المزيد من عائدات الطاقة الجديدة تتدفق مباشرة إلى الحكومة متجاوزة هيئة الاستثمار القطرية؛ صندوق ثروتها السيادي الرئيسي. «هيئة الاستثمار القطرية تم تغيير استراتيجيتها لتصبح أقل من ناحية السيولة المالية، وأكثر انخراطًا في الاقتصاد المحلي» بحسب «فيكتوريا بربري»؛ مدير مركز الثروة السيادية التابع لمؤسسة المستثمرين في لندن.

وفي الوقت نفسه، كرر صندوق النقد الدولي مؤخرًا دعواته لكبح جماح الإنفاق. وقالت «كريستين لاجارد» - العضو المنتدب لصندوق النقد الدولي - في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إن دول الخليج بحاجة لموازنة ميزانياتها بشكلٍ مُلحٍ نظرًا لتراجع أسعار النفط.

لقد اعتادت دول الخليج الغنية بالنفط والمستثمرين والشركات التي نمت على ارتفاع الأسعار وتلك حقائق مالية موجودة على الأرض.

وعقّب «سفاكياناكيس» مدير أشمور: «أعتقد أن اقتصادات دول الخليج ستضطر لوضع خطط الانضباط المالي. هم لا يريدون أن يُنظر إليهم باعتبارهم مُبذّرين».

المصدر | آسا فيتش، وول ستريت جورنال

  كلمات مفتاحية

انخفاض أسعار النفط أسعار النفط صناديق سيادية النفط مجلس التعاون

غروب شمس هيمنة «أوبك» في عهد جديد من انخفاض أسعار النفط

«ستاندرد آند بورز»: اقتصاد قطر والإمارات أقل عرضة لمخاطر انخفاض أسعار النفط

دول الخليج تتحصن ضد انخفاض أسعار النفط بـ2.45 تريليون دولار

«فورين بوليسي»: انخفاض أسعار النفط يضر الخليج وصناديق الثروة السيادية هي الحل

الفايننشال تايمز: السعودية تستفيد من انخفاض أسعار النفط

السعودية تؤكد إمتلاك خطوط دفاعية ضد انخفاض أسعار النفط

ماذا بعد خسارة النفط ثلث سعره؟

لا اتفاق في محادثات السعودية وروسيا على خفض إنتاج النفط قبل اجتماع اوبك

رويترز: السعودية والإمارات لا تدعمان خفض إنتاج «أوبك»

النعيمي: دول الخليج توافقت على سياسة إنتاج النفط.. والعمير يتقبل أي سعر للخام

برنت يهبط لمستوى منخفض جديد في أربع سنوات عند 76.28 دولارا للبرميل

قرار «أوبك» يهبط بـ«برنت» إلى 71.25 دولارا والخام الأمريكي دون 68 دولارا

ماذا يعني انخفاض أسعار النفط؟

ممالك الخليج على طريق الانهيار 

السعودية قد تقلص الميزانية في 2015 مع تراجع أسعار وعائدات النفط

المالية الكويتية: سعر الأساس لبرميل النفط في الميزانية القادمة من 55 إلى 60 دولار

أسعار النفط والتنمية السعودية

كيف غير الربيع العربي التوقعات بشأن بقاء «أوبك» على قيد الحياة ؟!

تهاوي أسعار النفط .. الآمال والمخاطر

متى يهرول وزير النفط .. ؟!

عندما لا يملك السعوديون سياسة مالية بديلة

أمير الكويت: هبوط أسعار النفط يؤثر على دخل دول الخليج .. وأوبك قد تجتمع قبل يونيو

الرابحون والخاسرون في حرب أسعار النفط حول العالم

أسعار النفط تهبط نحو 3% بفعل تخمة السوق .. وزيادة المعروض السعودي

«هآرتس»: السعوديون يعلمون أبناءهم الادخار بعد انخفاض أسعار النفط

بورصات الخليج تخسر 42 مليار دولار في يوم .. هل أصابت السعودية بخفض أسعار النفط انتقاما من روسيا وايران؟

الكويت قد تلجأ للإقتراض بسبب هبوط أسعار النفط

بورصات الخليج تتهاوى مع هبوط النفط دون 60 دولار .. وخسائر تتجاوز 250 مليار دولار منذ نهاية أكتوبر

مسؤول بصندوق النقد: دول الخليج قادرة على تحمل تراجع النفط لامتلاكها احتياطيات مالية ضخمة

محلل إسرائيلي: «ربيع النفط» سيضع نهاية لنفوذ دول الخليج بعد انهيار الأسعار

تراجع النفط يهدد بوقف مشاريع نفطية بقيمة تريليون دولار حول العالم

«علي النعيمي»: «من المستحيل» أن تخفض السعودية حصتها في السوق .. ولا أهداف سياسية

مشروعات الطاقة في البحرين لن تتأثر بانخفاض أسعار النفط

السعودية تقر موازنة 2015 بمستوى إنفاق غير مسبوق وتتوقع عجزا يبلغ نحو 39 مليار دولارا

العساف: السعودية ستتحمل تراجع سعر النفط ولا حاجة لصندوق سيادي

سلطنة عمان تراهن على السياحة لمواجهة انخفاض أسعار النفط

انخفاض إيرادات الموازنة الكويتية 9.4% خلال 8 أشهر

انحسار ”عصر البذخ“ الخليجي بعد عِقد من الازدهار

كيف تتعامل الكويت وسلطنة عمان والبحرين مع انخفاض أسعار النفط؟

«أرامكو» تعلن تأجيل مشروعات وتضطر لإعادة التفاوض على بعض العقود مع استمرار هبوط النفط