ماذا يعني انخفاض أسعار النفط؟

السبت 29 نوفمبر 2014 12:11 ص

تراجعت أسعار النفط العالمية مرة أخرى (مُسجلة حوالي 73 دولار للبرميل) بعد أن رفضت منظمة «أوبك» في 27 نوفمبر/تشرين الثاني خفض كمية من النفط الخام التي يضخها أعضاؤها إلى الأسواق التي ترسم ملامح اقتصاد الكرة الأرضية.

وبدلاً من ذلك؛ سار كل أعضاء المنظمة على خُطى المملكة العربية السعودية في الحفاظ على نفس مستويات الإنتاج دون تغيير. وفي الوقت الذي تراجعت فيه أسعار النفط الخام بنحو الثلث منذ يونيو/حزيران الماضي، فإن «روبرت مانينج» - المحلل في مؤسسة «أتلانتك كاونسل» - يؤكد أنها من المرجح أن تظل الأسعار «في نطاق ما بين 70 إلى 100 دولار للبرميل تقريبًا خلال العام المقبل 2015، وربما بعد ذلك».

وعمل «مانينج» - زميل بارز في «مركز برنت سكوكروفت للأمن الدولي» - لسنوات في وزارة الخارجية والاستراتيجية الاستخباراتية حول قضايا الطاقة. وقد كتب إن سوق الطاقة العالمي آخذ في التغير بسرعة، وهو الأمر الذي يدعوا حكومة الولايات المتحدة لإعادة النظر في مجموعة من سياسات الأمن والطاقة الداخلية ومن ثَمّ تحديثها بما يتناسب مع الوضع الراهن والمستقبل.

ويعكس اجتماع «أوبك» ليس فقط الزيادة في إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة، ولكن أيضًا دخول الكرة الأرضية في عالم ما أطلق عليه البعض «ذروة الطلب» بحسب ما كتب «مانينج» للصحفيين و«نيو أتلانتيكس»، ومع تباطؤ النمو في كثير من دول «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» (معظم الاقتصادات المتقدمة في العالم) وكذلك في الصين، فإن هناك إمدادات كافية من النفط، ولكن الطلب باهت». وخفّضت وكالة الطاقة الدولية مؤخرًا توقعاتها بخصوص الطلب الجديد للنفط خلال العام المقبل. وأضاف «مانينج»: «ومع استمرار النمو الاقتصادي المتواضع – في وقتٍ أصبح النقل فيه أكثر كفاءة، واستخدام الكهرباء في عملية النقل – فإن هذا الاتجاه قد يستمر».

السعودية ضد داكوتا الشمالية

ويُعدُّ قرار «أوبك» نصرًا كان مُتوقعًا داخل المنظمة نظرًا للحملة التي قادتها السعودية للسماح لأسعار النفط أن تنخفض كوسيلة مقاومة لعدم تأثر حصة السوق. وتراجعت حصة «أوبك» في سوق النفط العالمي لسنوات، وهي الآن تقوم ببيع ما يقرب من 40% من النفط الخام في العالم.

لقد أزعجت الولايات المتحدة السوق العالمية وتسببت في ضعف إنتاج «أوبك» عن طريق ضخ إمدادات كبيرة جديدة من الصخر الزيتي التي تخرج من التكوينات الجيولوجية في حقول داكوتا الشمالية. ولكن هذا الإنتاج الجديد عالي التكلفة ومن الممكن أن يستمر إلا إذا كان سعر النفط مرتفع. (وهذا لأنه يتطلب استخدام أكثر عجائب التكنولوجيا المتطورة مثل الحفر أُفقيًا عبر صخور تحت الأرض ضيقة ومتماسكة لدرجة ليس من السهل اختراقها. وأيضا هذه الآبار النفطية المُحكمة تستنزف ما بداخلها بسرعة مما يتطلب المزيد من الاستكشاف للحفاظ على إمدادات المتدفقة).

وبحسب «مانينج» فإنه عن طريق السماح للأسعار، يأمل الاستراتيجيون السعوديون الضغط على إمدادات داكوتا الشمالية الجديدة باهظة الثمن للإطاحة بها خارج السوق - «لإبطاء إن لم يكن تقويض طفرة الصخر الزيتي». وذكرت وكالة أنباء «بلومبيرج» الشهر الماضي أن أسعار النفط الخام البالغة 80 دولارا للبرميل ستوقف تقريبًا كل عمليات النمو في إنتاج الولايات المتحدة من «النفط الضيق» المستخرج من الصخر الزيتي، وإذا انخفضت الأسعار لــ 70 دولارا للبرميل فإن قوة السوق من الممكن أن «تخفض الإنتاج حتى 28%» من تكوينات باكين.

الفائزون والخاسرون

وبحسب «مانينج» فإنه «داخل أوبك؛ سيكون الفائزون هم السعوديين وغيرهم ومنتجو الخليج. الولايات المتحدة وغيرها من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ولا سيما في المناطق الأقل نموا مثل إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي، وجزء كبير من شرق وجنوب آسيا المستهلكة للنفط أيضًا سوف تستفيد، وكذلك الصناعات النفطية الكثيفة مثل شركات الطيران والنقل االشاحنات».

وتابع «أنه على الصعيد العالمي فإن أكبر الخاسرين ستكون روسيا وإيران وفنزويلا جنبا إلى جنب مع باقي أعضاء أوبك الآخرين». شركات «صناعة الصخر الزيتي والبنوك التي تقرضهم هي أيضًا في خطر متزايد. معظم النفط الضيق المستخرج من الصخر الزيتي من الممكن أن يواصل أرباحه  - وإن كانت ستهبط دون المستوى - إذا كان النفط في نطاق 70- 80 دولارًا للبرميل. ولكن في الوقت الذي يهبط فيه النفط دون 80 دولارًا يصبح من الصعب تزداد الأمور صعوبة بالنسبة لمنتجي الصخر الزيتي».

و بينما الهدف الرئيسي للسعوديين هو منتجي الصخر الزيتي في الولايات المتحدة الصخري، إلا إن منافسة المملكة العربية السعودية مع إيران على النفوذ في الشرق الأوسط «بمثابة عامل إضافي" من وجهة نظر «مانينج»، حيث إن صانعي السياسة السعودية يدركون أن إيران سوف تتضرر اقتصاديًا أكثر بكثير من المملكة العربية السعودية بسبب استمرار انخفاض أسعار النفط.

مدى الضرر على روسيا وإيران

«من وجهة نظر الولايات المتحدة فإنه في ظل فرض عقوبات على ايران وروسيا إذا استمر النفط عند 80 دولارًا أو أقل من ذلك سيكون ذلك بمثابة تدمير للاقتصاد الإيراني والروسي. هذا يضع ضغطًا أكثر على إيران ما يعطي فرصة للتوصل لاتفاق نووي». مُضيفًا: «وفيما يتعلق بروسيا التي لا تزال تزعزع استقرار أوكرانيا وتدعم الرئيس بشار الأسد في سوريا، فإن 80 دولار للبرميل ستعمق مشاكل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يحتاج إلى 110 دولار للبرميل لتجنب العجز في الميزانية».

وعن روسيا وحربها ضد أوكرانيا؛ أضاف «مانينج» هذه التعليقات:

«تواجه روسيا بالفعل صعوبات اقتصادية بالغة - 100 مليار دولار كرؤوس أموال هاربة، وهجرة العقول الشابة، وفقد الروبل 23% من قيمته، وكثير من ديون الشركات مُستحقة في عام 2015 قبل كل شيء. وسوف يعاني الاقتصاد الروسي ركودًا أو تراجعًا في النمو على الٌأقل 1% العامين المقبلين. ولا يمكن لروسيا أن تستفيد من الروبل ما دام رخيصًا بسبب العقوبات والصعوبات في جذب الاستثمارات. وفي المتوسط ستعاني روسيا، ولكن موسكو لديها احتياطيات أجنبية كافية لتعتمد عليها في الوقت الراهن».

وفيما يتعلق بأوكرانيا، لم يُتهم «بوتين» يومًا ما بأنه اقتصادي. ويبدو أنه يتحرك بدافع الانتقام لمصير روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991م. يبدو أن «بوتين» عازم على إعادة تشكيل الكثير من الفضاء السوفيتي السابق ما أمكن، وعازم على منع أوكرانيا الديمقراطية من اللحاق بركب الحداثة الذي تنشد. إذا أراد صفقة معقولة في أوكرانيا، فبإمكانه أن يُظهر ذلك للمستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» والاتحاد الأوروبي. وبدلاً من ذلك، يبدو أن «بوتين» يسعى لزعزعة استقرار أوكرانيا، وربما لإنشاء الجسر البري من شرق أوكرانيا لشبه جزيرة القرم التي غزت روسيا وضمتها إلى أوكرانيا في مارس/آذار الماضي.

«إذا بقيت أسعار النفط في نطاق 80 دولار حتى 2016م، وتزايدت تكاليف الحرب والاحتلال، فإن حسابات بوتين قد تتغير».

 

المصدر | أتلانتك كاونسل

  كلمات مفتاحية

النفط أسعار النفط انخفاض أسعار النفط أوبك النفط الصخري حرب أسعار النفط

السعودية تشن حرب أسعار ”غير مُقنِعة“ على النفط الصخري الأمريكي في اجتماع «أوبك»

فنزويلا ستواصل السعي من أجل سعر "عادل" للنفط رغم قرار أوبك

قرار «أوبك» يهبط بـ«برنت» إلى 71.25 دولارا والخام الأمريكي دون 68 دولارا

انخفاض أسعار النفط قد يعرقل خطط الإنفاق الخليجية

توقعات بنزول أسعار النفط إلى 60 دولارا ما لم تخفض أوبك الإنتاج

إيران تسحب من صندوق الثروة السيادية لتعويض هبوط إيرادات النفط

هل حان وقت معاقبة روسيا وإيران و«الدولة الإسلامية» بالنفط؟

السياسة والسوق في الانهيار الفادح لأسعار النفط

ضد من تستخدم السعودية سلاح النفط ؟!

أسعار النفط تواصل تحديد معالم الجغرافية السياسية

"طغاة النفط" في مأزق أقوى مما توقعناه!

إيران تقول قرار أوبك ليس في مصلحة الجميع لكنها لن تحتج

أسعار النفط والاقتصاد الخليجي