قطع الطرق في لبنان.. تدمير للبنية التحتية وضرب للاقتصاد

الأحد 17 نوفمبر 2019 09:18 ص

خرجت احتجاجات اللبنانيين من أجل تحسين مستوى معيشتهم وتغيير نظامهم الطائفي القائم على الوراثة والمحاصصة المذهبية محقة، غير أن قطعهم للطرقات يدمر ما تبقى من اقتصادهم الحساس بسبب بنيته التي حافظ عليها رغم الحرب الأهلية الأليمة.

وبدا مطار بيروت الوحيد لكل لبنان وله عبر العالم نفسه خاليا إلا من المسافرين العالقين وغالبيتهم من السوريين. 

ويمكن استقراء ذلك من فرانكفورت الألمانية بعد إقلاع الطائرة بعدد ركاب لا يتجاوز الثلث حسب المضيفة التي ذكرت بأنها لم تشهد مثل هذا العدد القليل من قبل.

وإذا ما أراد المرء في مطار العاصمة اللبنانية سحب نقود، فإن الصرافات الآلية لا تعمل بسبب توقف خدمات البنوك.

وأمام المطار الذي كان يعج بالحركة، لا يقطع الهدوء الذي يثير الخوف والريبة سوى المسافرين العالقين الذين افترشوا الأرصفة، لأن المطار في الداخل لا يستوعبهم، وهناك تتراكم طوابير من سيارات التاكسي التي ينتظر أصحابها الفرج وعلامات القلق على وجوههم. 

وقال أحد السائقين، إنه ينتظر منذ 6 ساعات دون أي طلب واحد لكسب ما يساعده على تأمين قوت عائلته وأطفاله، مضيفا "إنها حالة ترعبني".

السفر والسياحة

ويعتمد لبنان بشكل أساسي في اقتصاده على السفر والسياحة والخدمات التي تشكل الخدمات المصرفية أبرز قطاعاتها. 

ومن المعروف أن اقتصادا كهذا حساس للغاية إزاء الاضرابات وقطع الطرقات وإغلاق البنوك لفترة طويلة، وهو أمر يحتم إعادة شريان الحياة إليه عبر المطار الوحيد والطرقات الدولية.

ولم تتغير بنية الاقتصاد اللبناني رغم الحرب الأهلية التي استمرت 15 سنة، لاسيما وأن القروض والمساعدات الأجنبية والخليجية ساعدت في الحفاظ عليها.

وبغض النظر عما يُقال بحق النظام المصرفي اللبناني وبنوكه، فإن تعافي لبنان من جروح الحرب الأهلية العميقة بين عامي 1975 و1990 اعتمد على كفاءة هذا النظام، لأنه بقي حتى في أوج سنوات الحرب البغيضة موضع ثقة المستثمرين ورجال الأعمال اللبنانيين وغيرهم، بسبب سريته وملاءته وفوائده العالية. 

ويضع السوريون على سبيل المثال، في هذه البنوك حسب تقديرات غير رسمية حوالي 20 مليار دولار. ويحول المغتربون اللبنانيون إليها سنويا من 6 إلى 10 مليارات دولار منذ عام 1914 وقبل ذلك كانت التحويلات أعلى بكثير. 

هذه المليارات ومليارات أخرى وخاصة من منطقة الخليج تأتي إلى لبنان أيضا بفضل الفوائد العالية التي كانت حتى عهد ليس ببعيد بحدود 8% في وقت كانت فيه أفضل معدلات الفائدة عالميا أقل من النصف.

حافة الهاوية

بعد الحرب الأهلية بالغت الحكومات اللبنانية المتعاقبة في سحب القروض من أجل إعادة الإعمار؛ لكن الواقع يقول إن جزءا كبيرا، إن لم يكن الأكبر من هذه الأموال، ذهب ضحية عمليات فساد أبطالها النخبة السياسية الطائفية والحاكمة. 

أما تبعات ذلك فلم تقتصر على دين عام يتجاوز 150% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر بنحو 57 مليار دولار، بل وصل إلى حد إفقار غالبية اللبنانيين من خلال فرض ضرائب ورسوم جديدة دون توقف للمساعدة في تحمل أقساط وفوائد الدين العام.

ووصل الأمر بالحكومة اللبنانية التي ترأسها "سعد الحريري" حتى قبل أيام إلى محاولة فرض رسوم على خدمة لا تقدمها هي وهي خدمة "واتساب" العالمية للتراسل، بدلا من اتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد الذي أكل الأخضر واليابس في بلاد يفترض أن تكون بين أفضل الدول في مستوى الدخل.

ويبدو أن محاولة الحكومة هذه كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، وهكذا خرج اللبنانيون بالآلاف من كل الطوائف والأعراق للاحتجاج والإضراب ضد حكومتهم ونخبتهم التي عاثت فسادا وأوصلتهم إلى حافة الهاوية.

مزيد من التدهور

واستمرار الوضع الحالي يقود إلى هروب ما تبقى من الأموال وتوقف القروض والمساعدات، ويؤدي إلى مزيد من تدهور العملة اللبنانية وإلى تخريب ما تبقى من الزراعة والصناعات بسبب تقطيع أوصال البلد.

وتقدر خسائر القطاع الزراعي التجارية اليومية لوحدها بأكثر من نصف مليون دولار، أما خسائر لبنان الاقتصادية ككل فتقدر يوميا بنحو 700 مليون دولار حسب البنك الدولي.

ويذكر الوضع الحالي حسب وزير الدفاع اللبناني ببدايات الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و 1990 في بلد كان يضرب المثل بازدهاره لدرجة إطلاق تسمية "سويسرا الشرق" عليه. 

ويعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة، تفاقمها اضطرابات سياسية تعصف بالبلاد، وبلغ إجمالي الدين العام 86.2 مليار دولار في الربع الأول من 2019، وفق بيان صادر عن وزارة المالية في مايو/أيار الماضي.

المصدر | الخليج الجديد + دويتشه فيله

  كلمات مفتاحية

الاقتصاد اللبناني مشاريع البنية التحتية قطع الطريق مظاهرات لبنان

فيتش وستاندرد أند بورز تخفضان تصنيف لبنان لـ CCC/C

احتجاجات لبنان تتواصل رغم بوادر الانفراج السياسي

واشنطن تؤيد احتجاجات اللبنانيين ضد السلطة

تفاقم الأزمة في لبنان بعد انسحاب الصفدي من الترشيح لرئاسة الوزراء

طبقة لبنانية عابرة للطوائف.. أبرز إنجازات شهر من الحراك

حزبان لبنانيان يقاطعان جلسة البرلمان بخصوص قانون العفو العام

لبنان.. محتجون يطوقون مقر البرلمان ويقطعون الطرق المؤدية له