ن. تايمز تعلق على الاختيار 3: السيسي سيطر على الدراما ويروي التاريخ بطريقته

الثلاثاء 3 مايو 2022 02:46 م

علقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على مسلسل "الاختيار 3" الذي بثته المخابرات المصرية في شهر رمضان المنصرم ويحكي قصة انقلاب رئيس البلاد الحالي "عبدالفتاح السيسي" على سلفه المنتخب الراحل "محمد مرسي".

وقالت الصحيفة، في تقرير لمديرة مكتبها بالقاهرة "فيفيان يي"، إن "السيسي يبدو، وكما يقول نقاد، أنه يكتب التاريخ بطريقته، بغض النظر عن الحقيقة، في وقت سيطر فيه النظام بشكل كامل حتى على صناعة الدراما والترفيه من الألف إلى الياء".

وقالت إن رمضان يعتبر الموسم التقليدي للمسلسلات الرمضانية التي تحفل بالنجوم وتشد ملايين المصريين لها كل ليلة أثناء الشهر المقدس، من دراما مشحونة إلى مسلسلات كوميدية. ولكن مسلسلا واحدا مشحونا كان الأبرز.

ولفت التقرير إلى خروج "السيسي" بنفسه للحديث عن المسلسل، في أواخر رمضان، ليؤكد أن كل ما ورد فيه حقيقي 100%، وقال إن الكثيرين ربما تساءلوا عن هدف صناعة هذا المسلسل، مجيبا أن الهدف هو التوثيق بطريقة صادقة وشريفة في وقت لم يعد فيه شرف ولا حقيقة. ولكن النقاد يقولون إنه وبعيدا عن تصوير الحقيقة الصادقة، فالهدف هو إعادة كتابة التاريخ والتملق للرئيس وشيطنة نقاده".

وتعلق "يي" بأن "السيسي حول مصر على مدار العقد الماضي من بلد يتسامح مع النقاش السياسي والحرية الفنية، حتى في ظل حكم الرجل القوي، إلى بلد يجبر الخوف على السكوت. وقالت إن الحكومة خنقت نقادها عبر سجن المعارضين لها كبارا وصغارا وتجريم الاحتجاج وتكميم الصحافة".

وأضافت أن الحكومة عملت بطريقة منظمة على إخضاع صناعة الفيلم والتليفزيون التي هيمنت على شاشات أجيال من شعوب المنطقة العربية، ويقوم إنتاجها الآن بفرض الرقابة على الموضوعات الحيوية أو الحساسة سياسيا.

ومع أن "الاختيار 3" أنتجته عدة أسماء كبيرة في صناعة الترفيه إلا أنه يشمل على وزارة الدفاع كطرف تعاون فيه.

ونقل التقرير عن "بلال فضل"، كاتب النصوص المصري والناقد للعرض قوله إن "العدو الحقيقي للدولة المصرية هو خارج قدرة أي شخص يقف ضدها"، مضيفا: "في الحرب يجب أن تستخدم كل سلاح لديك والآن أصبحت الدراما سلاحا لديهم".

واستعرضت الكاتبة منهجية المسلسل القائمة على تصوير "السيسي" على أنه بطل، مقابل الشر المطلق الذي يمثله الرئيس الراحل "محمد مرسي" وجماعة الإخوان التي فازت بالاستحقاق الرئاسي في أول انتخابات حرة بمصر عام 2012، وتضمن تسجيلات للرئيس الراحل ورموز بالجماعة قامت بها المخابرات سرا.

وقالت إن الموسم الحالي يغطي آخر 96 ساعة لـ"محمد مرسي" في الحكم، يظهر هذا الرئيس السابق مع شخصيات إخوانية أخرى، في صورة المتآمرين المخادعين، ودائما ما ترافق حركاتهم موسيقى تنذر بالكآبة، أما "السيسي" فقد تم تصويره كرجل عائلة متواضع يتصرف بحكمة وهدوء تحت الضغط.

ويرى المشاهدون أن الممثل الذي يؤدي هذا الدور، وهو "ياسر جلال"، نجح بتقليد أسلوب "السيسي" وحتى صوته الرقيق.

وعادت الكاتبة إلى رصد المناخ الإعلامي والدرامي في مصر والذي وصل إلى ذروته بإنتاج مسلسل مخابراتي يرصد التاريخ من وجهة نظر واحدة.

وقالت إنه في الأيام الأولى من حكم "السيسي" تمتع مديرو البرامج والإنتاج الدرامي بنفس المرونة التي تمتعوا بها منذ "جمال عبدالناصر" في ستينيات القرن الماضي، طالما تجنبوا موضوعات يعتبرها النظام حساسة.

إلا أن الوضع تغير في عام 2017 عندما احتكرت شركة مملوكة من أجهزة الأمن الأثير على قنوات التلفزة وشركات الإنتاج التليفزيوني، والمؤسسات الإخبارية وأخرجت الكثير من شركات الإنتاج من الصناعة.

وتم إرسال الحلقات التي تعود إلى برامج أخرى إلى المسؤولين الأمنيين لمراجعتها، حسب العاملين في داخل الصناعة، ولم يعد رجال الشرطة المنتهكين والفاسدين يظهرون في النصوص التليفزيونية والسينمائية، واستبدلوا برجال عسكريين وجواسيس أبطال، تقول الكاتبة.

ونقل التقرير عن "جوي شيا"، الزميلة غير المقيمة في معهد الشرق الأوسط والمختصة بمصر، قولها إنه تم تشويه سمعة الفنانين الذين لم يلتزموا بالخط الرسمي واتهموا بأنهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين أو متعاطفين معها أو منعوا من العمل في داخل مصر، ونظرا لسيطرة الدولة الكاملة على الإعلام، فقد أصبح بإمكانها السيطرة على المنتجين والفنانين والكتاب وكل مرحلة من مراحل الإنتاج الدرامي. وإنتاج القصة التي يريدونها وبأنفسهم.

وغادر "بلال فضل"، كاتب السيناريو القاهرة إلى نيويورك في عام 2014 بعدما وضع على القائمة السوداء، نظرا لأن عرضه كان محلا لانتهاكات قوات الأمن، ويدير حاليا عرضا على "يوتيوب" حول صناعة الترفيه في مصر.

ويقول "فضل" وعدد من مدراء الإنتاج الناقدين إن الرقابة على النصوص التليفزيونية شددت ووصلت إلى حد رسم خطوط القصة وملامح الموضوع التي يريدونها. وبهذه الطريقة ولد مسلسل "الاختيار".

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن مسلسل "الاختيار 3" تعرض لموجة سخرية واسعة النطاق على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث سخر المستخدمون من هيمنة الدعاية والدعاية الحكومية فيه.

وبالنسبة للمشاهدين الذين عايشوا ذلك التاريخ قبل أقل من 10 سنوات، تقول الصحيفة إن نهاية هذا الموسم من "الاختيار" ليست غامضة بالنسبة لهم في الحقيقة عل الأقل، حيث إن "مرسي" تم إيداعه بالسجن وتوفي في قاعة محكمة في القاهرة في 2019، وظل الإخوان المسلمين العدو رقم واحد لحكومة "السيسي"، رغم وجود بعض المعارضين السياسيين الآخرين الذين يتم اتهامهم بشكل روتيني بالارتباط بالإخوان، وأي شخص توجه له هذه التهمة يكون معرضا للطرد والتهميش أو الاعتقال ومواجهة تهم الإرهاب.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

الاختيار 3 السيسي مرسي المخابرات المصرية الانقلاب العسكري دراما رمضان

دعاية باذخة.. إيكونوميست: الاختيار يمثل كتابة المنتصر للتاريخ

فكك من الإخوان يا شاويش.. ألتراس أهلاوي يرد على مسلسل الاختيار بأغنية جديدة