2022.. الأكثر دموية على فلسطينيي الضفة منذ عقدين

الجمعة 30 ديسمبر 2022 08:06 ص

على أعتاب عام جديد، تختتم الساحة الفلسطينية، خاصة الضفة الغربية، واحدة من أكثر سنواتها دموية منذ الانتفاضة الثانية في 2005، وسط توقعات بأن يتصاعد العنف الإسرائيلي مع وصول حكومة "بنيامين نتنياهو" التي وصفت بأنها الأكثر يمينية إلى الحكم.

فمنذ مطلع عام 2022، شهد الفلسطينيون تصعيدات أمنية وسياسية مع جانب الاحتلال الإسرائيلي ذات منعطفات خطرة، أدت إلى استشهاد 224 فلسطينيًا بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي، وإصابة المئات، وفق تقرير أممي.

صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، قالت إن العام 2022 شكل نقطة تحول في العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، ولم يمر عليهم عنف قاتل كهذا منذ عقدين تقريبا.

وأضافت أن القوات الإسرائيلية قتلت في عام 2022 فلسطينيين في الضفة الغربية أكثر من أي وقت منذ أن بدأت الأمم المتحدة بتوثيق منظم لعدد القتلى في عام 2005، وبعد نهاية الانتفاضة الثانية.

ووفق تقارير رسمية، فقد استشهد نحو 168 فلسطينياً بينهم 33 طفلاً، في نحو 2000 عملية أمنية وعسكرية شنها الجيش الإسرائيلي في الضفة، تركزت معظمها خلال الأشهر الأخيرة في مدينتي جنين ونابلس، بخاصة مع ولادة ظواهر مسلحة جديدة مثل "عرين الأسود" و"كتيبة جنين"، إلى جانب تنفيذ فلسطينيين مئات العمليات ضد أهداف إسرائيلية، وصف بعضها بـ"النوعية" و"الجريئة".

ومن بين الشهداء هذا العام، مراسلة شبكة "الجزيرة" القطرية "شيرين أبوعاقلة" التي زاد مقتلها برصاصة في الرأس، وهي تقوم بتغطية مداهمة إسرائيلية لمخيم جنين في مايو/أيار، من الانتقاد الدولي لتل أبيب.

وفندت تحقيقات إعلامية وغربية مزاعم الجيش عن وجود تبادل إطلاق النار وقت مقتل "شيرين"، واتهمت جنود الاحتلال بتعمد اغتيالها، في وقت قال الجيش الإسرائيلي إنه لن يقوم بمتابعة القضية جنائيا ضد الجنود.

ووفق تقارير حقوقية، فإن الجيش الإسرائيلي اعتقل منذ بداية 2022 نحو 5500 فلسطيني، من بينهم 750 صبياً ومراهقاً، ما زال 150 منهم داخل السجون، وهو ما دفع إلى ظهور دعوات حقوقية دولية بإدراج الجيش الاسرائيلي في "القائمة السوداء".

وأمام ذلك، أفادت الأمم المتحدة مبعوثتها للأطفال ومناطق الحرب "فيرجينيا غامبا" لزيارة إسرائيل، ولقاء كبار مسؤوليها السياسيين والعسكريين، عقب تحذيرها من قتل الأطفال الفلسطينيين.

جاء ذلك بعد أن قال الجيش الإسرائيلي إنه يعتقد "باحتمالية كبيرة" أن شرطياً من حرس الحدود أطلق النار بطريق الخطأ وقتل الطفلة "جنى زكارنة" (15 عاما)، التي عثر عليها ميتة على سطح منزلها في جنين مع إصابة بالرأس بطلق ناري بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من المدينة.

كما أدان 3 خبراء في الأمم المتحدة ما وصفوه "القوة المفرطة التي تستخدمها القوات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين".

وأضاف الخبراء في بيانهم الذي نشر في 16 ديسمبر/كانون الأول الجاري: "نذكر إسرائيل بأنه في انتظار تفكيك احتلالها غير القانوني، يجب معاملة الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة كأشخاص محميين، وليسوا أعداء أو إرهابيين".

في المقابل، ووفقاً لمصادر إعلامية عبرية، فإن 30 إسرائيلياً على الأقل بين جنود ومستوطنين، قتلوا منذ بداية العام الحالي، وأصيب مئات آخرون في هجمات فلسطينية مختلفة، وهو العدد الأعلى من القتلى الإسرائيليين منذ عام 2016.

وبحسب البيانات والأرقام المحلية في الضفة الغربية، نفذ الفلسطينيون منذ بداية العام، 653 عملية إطلاق نار و36 عملية طعن و14 عملية دهس، و377 عبوة ناسفة وزجاجات حارقة.

وأدى ارتفاع ظاهرة العمليات الفلسطينية عام 2022، لظهور تصريحات إسرائيلية اعترفت بوجود فجوات أمنية خطرة منحت الفلسطينيين القدرة على تنفيذ عملياتهم، وسط خيبة أمل من الواقع السياسي والأمني المتدهور، الأمر الذي دفع بالمنظومة الأمنية الإسرائيلية لرفع حال التأهب القصوى وتكثيف عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين.

وزعم الجيش أنه ضبط 680 قطعة سلاح مهربة منذ بداية 2022، غالبيتها أمريكية، وأن جزءاً من الأسلحة المنتشرة بالضفة بنادق صيد، "جرى تحويلها لبنادق قادرة على إطلاق الرصاص بعد أن كان رشق الحجارة هو المسيطر والمهيمن"، وفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، التي كشفت عن أن الجيش الإسرائيلي الذي "استيقظ متأخراً" لا يملك رقماً أو تقديراً لعدد هذه الأسلحة المنتشرة بين أيدي الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ويقول الخبراء إن زيادة العنف يعكس مزيجا متفجرا على الأرض وتغيرا جيليا، ويمكن أن يتصاعد مع وصول الحكومة الأكثر تطرفا في إسرائيل، حيث يشارك فيها دعاة التفوق اليهودي والذين كانوا وراء إثارة العنف ضد الفلسطينيين.

وحملت منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية والأمم المتحدة الجيش الإسرائيلي زيادة الأعداد ولجوئه إلى القوة المفرطة في أثناء عملياته شبه اليومية إلى جانب هجمات المستوطنين في الضفة الغربية حيث يعيش الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وقال منسق الأمم المتحدة لشؤون العملية السلمية "تور وينسلاند": "هناك دينامية جديدة في الضفة الغربية وحول القدس جيل جديد من الإسرائيليين والفلسطينيين في نزاع وهناك حاجة ماسة لخفض التوتر".

وأشار إلى "التوتر المتنامي حول ما يطلق عليها محاور الاحتكاك"، أي المناطق التي يواصل فيها المستوطنون التعدي على أراضي الفلسطينيين ويتزايد العنف.

ولاحظ المحللون تطورا ملحوظا هذا العام، وهو ظهور جيل جديد من المسلحين الفلسطينيين مثل "كتيبة جنين" و"عرين الأسود"، وكلاهما يقودها شباب غاضب.

وشددت التقديرات الإسرائيلية التي تم استعراضها في الجلسة المغلقة للجنة البرلمانية للخارجية والأمن في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على أنها "تواجه موجة تصعيد أمني متفاقم".

وعبر المجتمعون في الجلسة، عن قلقهم من حقيقة أن عديداً من منفذي العمليات الأخيرة ضد الجيش والمستوطنين في الضفة، هم من حملة تصاريح العمل داخل إسرائيل، وقالت إن ذلك "يتطلب استعداداً وتفكيراً مختلفين".

وأمام ذلك، توقعت مصادر إسرائيلية اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة "قريبا"، كما عادت كلمة "انتفاضة" إلى البرامج الإذاعية الصباحية، ونشرات الأخبار المركزية المسائية في إسرائيل.

ووفقاً لاستطلاع رأي جديد أجراه "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية"، يؤيد 72% من الفلسطينيين إنشاء مزيد من المجموعات المسلحة في الضفة الغربية على غرار جماعة "عرين الأسود" التي تعمل ضد إسرائيل.

وقالت أغلبية واضحة ممن شاركوا في استطلاع الرأي، إنهم يؤيدون تشكيل جماعات مسلحة لا تأخذ أوامر من السلطة الفلسطينية، ولا تنتمي إلى قوات الأمن التابعة لها.

وأظهرت نتائج الاستطلاع انخفاض التأييد لحل الدولتين إلى 32% فقط بين الفلسطينيين، فيما قال 69% ممن شملهم استطلاع الرأي، إن حل الدولتين لم يعد ممكناً بسبب التوسع الاستيطاني.

يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، صوتت بأغلبية ساحقة في 16 من الشهر الحالي على قرار يؤيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

في المقابل، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" في مقابلة مع الإذاعة العامة الوطنية الأمريكية "عن أن السلام الذي يسعى إليه مع الفلسطينيين سيكون على أساس منحهم صلاحيات لحكم أنفسهم، لكن من دون سيادة ومع وجود الأمن بيد إسرائيل".

وفي 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، جدد وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن"، التأكيد على تمسك بلاده بحل الدولتين، بقوله: "ما زلنا نعتقد أن حل الدولتين القائمتين على أساس خطوط 1967 مع مقايضات متفق عليها، ما زال أفضل طريقة لتحقيق هدفنا المتمثل في أن يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون جنباً إلى جنب في سلام وأمن".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فلسطين إسرائيل الضفة انتفاضة

أدنى حصيلة سنوية منذ بدء النزاع.. 3825 قتيلا في سوريا خلال 2022

جيوبوليتكال: السلام بين العرب وإسرائيل سيظل باردا.. وهذا هو السبب