في الأشهر التي أعقبت استضافة قطر الناجحة لبطولة كأس العالم 2022 ، ظلت الدولة الخليجية تحت الأضواء الرياضية العالمية.

مؤخرًا، أعربت مؤسسة قطر للاستثمارات الرياضية عن اهتمامها بشراء نادي مانشستر يونايتد ، أحد أشهر أندية كرة القدم في العالم ، من عائلة جليزر.

وعلى الرغم من أن عملية البيع لم تتحقق بعد حيث ينافسها عرضا أخر من الملياردير جيم راتكليف، إلا أنه سيمثل خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة للقوة الناعمة لقطر حال اكتمالها.

وبالنسبة لقطر، كما هو الحال بالنسبة لجميع دول مجلس التعاون الخليجي، يمكن تفسير القوة الناعمة من خلال رؤى مختلفة، فخمس من دول الخليج الست مساحتها صغيرة، مما يجعلها تنظر إلى الخارج لبسط نفوذها.

تتمثل إحدى طرق الدول الخليجية في تعزيز ظهورها العالمي في الابتعاد عن الصورة النمطية للاقتصاد بالاعتماد على النفط ومستخرجاته، والاهتمام بعوامل أخرى مثل السياحة والرياضة.

الرياضة أصبحت أداة مهمة تستخدمها قطر مؤخرًا بنجاح، حيث استضافت الدوحة العديد من المسابقات الرياضية العالمية بداية من دورة الألعاب الآسيوية لعام 2006 ، وكأس آسيا لكرة القدم 2011 ، وبطولة قطر المفتوحة السنوية للتنس ، وكأس العالم لكرة القدم 2022 ، بالإضافة لعشرات المسابقات الأخرى.

قطر استخدمت النهج الأطول أجلاً وهو الاستحواذ على رعاية القمصان لأندية كرة القدم العالمية المعروفة (بما في ذلك برشلونة وبايرن ميونخ وروما)، ما ساهم في انتشار الاسم بشكل كبير، لتخرج بعد ذلك للدور الأبرز والأكبر كلاعب رئيسي في مجال كرة القدم.

وتشعبت دول الخليج في رياضات أخرى، فالبحرين على سبيل المثال، استثمرت في سباق جائزة البحرين الكبرى للفورمولا 1، واستضافت أول سباق فورمولا 1 في الشرق الأوسط منذ 19 عامًا.

وربما يكون الدور القطري في مجال كرة القدم أكثر إثارة للإعجاب، فاللعبة وصلت للدوحة من خلال العمال البريطانيين وتم لعب أول مباراة عام 1972.

وبالإضافة إلى دعم الأندية الرياضية المحلية، سعت قطر إلى رفع مكانتها العالمية من خلال الشراء الاستراتيجي للأندية الأجنبية، والذي يتم عادة من خلال صندوق الثروة السيادي أو الصناديق الحكومية المرتبطة بها.

اشترت شركة قطر للاستثمارات الرياضية المملوكة للدولة، والتي أطلقها الشيخ تميم  70٪ من نادي باريس سان جيرمان الشهير لكرة القدم في عام 2011، وحولت النادي من غيابات الخسارة مع ملاكه إلى المكاسب المتتالية، وبعد عام واحد أصبحت ملكية النادي بالكامل لصالح قطر.

وقعت هيئة السياحة القطرية اتفاقية رعاية مع النادي لدفع ما يصل إلى 200 مليون يورو (224 مليون دولار أمريكي) سنويًا ، لمدة 4 سنوات، تغطي الأجور الكبيرة للاعبين مثل زلاتان إبراهيموفيتش وإدينسون كافاني.

وفي خطوة أخرى، اشترت قناة الجزيرة حقوق بث الدوري الفرنسي في جميع أنحاء العالم، وبعد 3 أسابيع من شراء الصندوق القطري لباريس سان جيرمان دفعت قنوات بي إن 510 ملايين يورو (660 مليون دولار أمريكي) سنويًا مقابل حقوق البث المحلي من 2012 إلى 2016 ، بالتعاون مع الإذاعة الفرنسية Canal + ، التي كانت في السابق هي العارض الوحيد.

الشركات والصناديق المملوكة للدولة والأفراد ذوي النفوذ أداتان شائعتان تستخدمهما دول مجلس التعاون الخليجي للاستفادة من كرة القدم كشكل من أشكال القوة الناعمة.

فعلى سبيل المثال، في عام 2022 جددت طيران الإمارات اتفاقية رعايتها مع إيه سي ميلان ، لتمديدها إلى 15 عامًا وتولى الشيخ منصور نائب رئيس دولة الإمارات إدارة نادي مانشستر سيتي في عام 2008.

ودخلت السعودية سباق الرياضة متأخرة بشراء فريق نيوكاسل يونايتدالإنجليزي في عام 2021، واستحوذ قبلها الأمير السعودي عبد الله بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود على نادي شيفيلد يونايتد في عام 2020.

وبحسب ما ورد، تدرس كل من أبوظبي وقطر فرص شراء حصص في فرق الدوري الاميركي للمحترفين مما يشير إلى وجهة النظر القائلة بإمكانية استخدام الرياضة بشكل أكبر للاستخدام الجيوسياسي لمنطقة الخليج لكسب القلوب والعقول في البلدان الأخرى. بناءً على أنواع الرياضة الشائعة في بلد معين.

وبالإضافة إلى كرة القدم الأوروبية وكرة السلة الأمريكية، يمكن أن تكون الهوكي مجالًا محتملاً آخر للتنويع، كما يسمح بالتأثير عبر أكبر دول هوكي الجليد مثل فنلندا وكندا وروسيا والولايات المتحدة والسويد وجمهورية التشيك.

مجال آخر محتمل هو سباق الخيل الذي اقتحمته الإمارات لتصبح مركزا عالميا لرياضات الفروسية ويقال إنها تنفق أكثر من 572 مليون دولار سنويًا على تدريب خيول السباق.

وبالعودة للصفقة المحتملة بين قطر ومانشستر يونايتد فإن نجاح الاستحواذ سيجعل من الاستثمار القطري الرياضي قوة لا يستهان بها داخل الدوريات العالمية الكبرى وحتى إذا لم ينجح الاستحواذ فإن الدولة الخليجية لن يتوقف طموحها الاستثماري الرياضي ومن المؤكد أن لديها خطط بديلة للاستحواذ على أندية كبرى أخرى.