بعد ترحيل الإمارات له .. «البغدادي» يعود برسالة للقادة العرب: الربيع العربي لم يمت

الثلاثاء 4 نوفمبر 2014 10:11 ص

عندما قامت الإمارات العربية المتحدة بترحيل الناشط الفلسطيني الأصل «إياد البغدادي» في أواخر إبريل/نيسان الماضي، اختفى لمدة ستة أشهر تقريبا. وفي 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عاد على منصة «منتدى الحرية»، في أوسلو بالنرويج،  شاهرًا أسلحته للنضال من جديد واستئناف دعمه لثورات الربيع العربي.

وكسر الناشط المعنيّ بثورات الربيع العربي – والذي يحظى بوجود قوي على شبكات التواصل الاجتماعي - صمت محطته الإذاعية في ذلك اليوم برسالة قوية للمنطقة العربية وقادتها قلائلاً: «الربيع العربي لم يمت». وفي اليوم التالي طلب اللجوء السياسي لدولة النرويج.

تم استدعاء «البغدادي» لمكتب الهجرة الإماراتي في 30 إبريل/نيسان الماضي وخيّروه بين السجن المؤبد أو الترحيل الفوري. ولم تتهمه الدولة – المعروفة بسمعتها في سجن أو ترحيل أو تعذيب أي معارض – رسميا بأي تهم أو جرائم تخوله للسجن أو الترحيل، وامتنعت في الوقت ذاته عن إعطاء أي تفسيرات بشأن موقفه.

وفي الوقت الذي كان فيه حريصا على عدم توجيه انتقاده صراحة على الإمارات، إلا إنه قال إن الإمارات قامت بترحيله بسبب تغريداته الصريحة ضد القمع وقيادات منطقة الشرق الأوسط؛ وخاصة حكومة مصر؛ التي أطاحت بالرئيس السابق «محمد مرسي» إثر انقلابٍ عسكريٍ، وفرضت إجراءات قمعية لاقت ترحيبًا من قادة الإمارات. وخلال ثورات الربيع العربي سخَر في تغريداته من القادة الإقليميين، واكتسب على إثر ذلك عددًا كبيرًا من المتابعين في الإمارات وخارجها. و«البغدادي» معروف بهجائه للحكام العرب المستبدين، ويأمل أن ينشر ذلك في كتابٍ عما قريب.

وفي الوقت الذي فضّل فيه البغدادي (36 عاما) الترحيل على السجن إلا إنه لم يتمكن من العودة لبلده الأصلي؛ والسبب أنه وُلد في الكويت، ونشا في الإمارات، ويحمل وثائق سفر مصرية تُثبت أنه لاجيء فلسطيني.

ونزح أجداده بينما كان والده في الشهر الرابع من عمره خلال عام 1948م عقب إعلان دولة إسرائيل. الأب «إسماعيل» كان ضمن مئات آلاف الفلسطينيين الذين غادروا بشرط عدم العودة. استوطنوا مصر ثم انتقلوا للإمارات عام 1970م، وحاول الابن «إياد البغدادي» العودة لمسقط رأس آبائه وأجداده لكنه لم يتمكن.

سلطات الهجرة الإماراتية أودعته خلف القضبان في سجن «الصدر» بـ«أبو ظبي» قبل ترحيله. عانى «البغدادي» ظروفًا صعبةً لا يصدقها عقل – على حد وصفه – واضطر أن يستجدي للاتصال بزوجته الحامل في شهرها السابع.

إلى ماليزيا

وبعد 13 يومًا خلف القضبان قامت الإمارات بترحليه إلى ماليزيا؛ أحد الدول القليلة التي قبلت استقباله كلاجيء فلسطيني تم ترحيله.

وعندما حطت طائرة «الاتحاد» على أرض مطار العاصمة الماليزية – كوالالمبور – بدأت قصة جديدة مع السلطات الماليزية: فلم يُسمح له بخطوة واحدة خلف نقطة فحص الجوازات. ولمدة ثلاثة أسابيع ظل «البغدادي» عالقا في المطار لا يستطيع الدخول للدولة أو حتى مغادرتها لبلد أخرى. وقضى وقته كله جالسًا على المقاهي يقرأ ويتجول حول المطار.

وفي 8 يونيو/حزيران الماضي سُمح له أخيرًا بالدخول إلى ماليزيا في ”قضية استثنائية“ بمساعدة فريق من أصدقائه الناشطين والسفارة الفلسطينية في ماليزيا؛ والتي تدخلت نظرًا لجذور البغدادي الفلسطينية.

وامتنع «البغدادي» عن التغريد على تويتر تعليقًا على ترحيل الإمارات له إلى ماليزيا، وفضّل الصمت خوفًا على زوجته «أمارة» الحامل وعائلته. وفي الوقت الذي أقام فيه «البغدادي» في ماليزيا بدون عمل أو خطة محددة، أعرب عن مخاوفه من لحظة خروج ابنه للحياة، وأنه كان حزينًا وغاضبًا لعدم تمكنه من أن يكون بجوار زوجته في هذه الظروف.

وأنجبت زوجته في 17 يونيو/حزيران الماضي مولودًا أطلقوا عليه اسم «إسماعيل» كاسم جدّه لأبيه، وأعرب «إياد» عن سعادته: «اللحظة التي رأيته فيها – أول صورة وصلتني بعد ولادته – شعرت بارتياحٍ بالغ، وأيقنت أننا في طريقنا نحو الأفضل. كنت أحلم باللحظة التي أنظر فيها في عينيه».

اللجوء مرة أخرى

وتابع بنبرةٍ مزجت بين الحزن والأمل: «إسماعيل كان طفلاً لاجئًا»؛ في إشارة إلى النبي إسماعيل – عليه السلام – مُضيفًا: «السنّة أخبرتنا أنه انتقل مع أمه إلى مكة حينما كان رضيعًا. وأبي إسماعيل أيضًا كان لاجئًا، والآن في عام 2014م لدينا طفل لاجيء آخر هو ابننا إسماعيل».

ويأمل «البغدادي» أن تمنحه النرويج اللجوء هو وعائلته خلال الأشهر القليلة القادمة، وتنهي حالة عدم معرفة دولة لهم. ويوجد حاليًا في مركز لطالبي اللجوء في شمال أوسلو بين العديد بين السوريين الراغبين في الحصول على اللجوء، مُعتبرًا أن طلب اللجوء ليس بالأمر الهيّن، وأن خبرته بشأن الأمر ”مُرعبة“.

وتابع: «ومما يُدمي القلب – على حد قوله – أن ترى السلطات هنا – النرويج - تهدد اللاجئين»، مُضيفًا إنه من السابق لآوانه معرفة هل سيحصل على اللجوء أم لا، ومُعلنًا أن لديه قضية قوية لطلب الحماية، ومُعربًا عن أمنياته أن تلحق به به زوجته وابنه الرضيع الموجودين حاليًا في ماليزيا.

وعاد «البغدادي» للتغريد والكتابة على صفحات التواصل الاجتماعي حيث جمهور الكبيره الذي يتابعه، مؤكدًا أنه أكثر إصرارًا من ذي قبل للنضال من أجل الديمقراطية والحرية في منطقة الشرق الأوسط.

وأنهى البغدادي حديثه في منتدى أوسلو متمنّيًا أن تكون كلماته ضد الطغاة والمستبدين وترحيله بسببها بمثابة روح طامحة لابنه الذي تمنّى أن يعيش حياة أفضل.

وأضاف «البغدادي» لصحيفة «هافينجتون بوست»: «لا أريد أن يعيش ولدي في خوف. لا أستطيع أن أعده بأن يعيش في حرية لأني لا أعلم كم من العمر سأقضيه في هذا العالم. لكني أريده أن يعلم أن حريته وكرامته تستحق حياته. وإذا لم يكن أمامه خيار بأن يحارب من أجل السلام أو ليعيش في أمان، فإنا أريده أن يفكر مرتين وأن يختار النضال»، مُؤكدًا أن الروح الحاسمة التي غزّت ثورة 2011م لم تختفِ؛ لأنها قنبلة موقوتة.

وقال مرددا خلال كلمته بأوسلو: «ثورات الربيع العربي هي غاية. والقصة لم تنتهِ، وهي أبعد ما تكون عن الانتهاء، سنصل إلى ربيعنا».

المصدر | صوفيا جونز، هافينجتون بوست

  كلمات مفتاحية

انتهاكات ترحيل إياد البغدادي

كيف حاولت الإمارات إسكات أحد أكثر نشطاء الربيع العربي شعبيةً؟

التحالف ”غير المقدس“ في الشرق الأوسط وتكرار أخطاء ملكيات أوروبا

لماذا لم أفقد إيماني بالربيع العربي؟

إما الصعود المستمر أو السقوط المدوي!

مستشار الرئيس «محمد مرسي» يتقدم ببلاغ للمنظمات الدولية بعد إخفاء ابنه قسريا في الإمارات

«الإبعاد» .. سيف الإمارات المسلط علي رقاب المقيمين العرب!

«مذابح الإبعاد» في أبوظبي تطال مستشارين وقضاة مصريين أبعدوا بطرق «مُهينة»

«ديلي ستار»: العمالة الوافدة في الإمارات ستتأثر سلبا بقرار ترحيل 70 لبنانيا