«الاندماج».. تجربة كارثية لشركات الصرافة السعودية

الأحد 25 يناير 2015 07:01 ص

يعد الاندماج أحد وسائل الشركات والمؤسسات الحديثة للبحث عن كيانات أكبر وأقوى تستطيع من خلالها المنافسة في السوق، واقتناص حصص كبيرة من استثمارات وأرباح القطاعات التي تمارس فيها نشاطاتها.

قطاع الصرافة السعودي قام ببعض تجارب الاندماج، وكانت أكبر تجربة اندماج هي تجربة تأسيس بنك (البلاد)، وكأي تجربة بشرية، يخلف الاندماج سلبيات عديدة، سواء على مستوى النشاط المصرفي أو أوضاع الموظفين وأسرهم جعلت العديد من الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين يحذرون من تكرار التجربة بشكل موسع بين كيانات صرافة ضخمة، وإنما تكون في أضيق الحدود بين شركات صرافة صغيرة تؤسس شركة كبيرة وتظل على نشاطها في الصرافة .

انعكاس سلبي 

«عادل ملطاني» شيخ الصيارفة وصف تجربة الاندماج بالكارثة، وحذرمنها لما يراه من تأثير سلبي لها على أداء القطاع قائلا: «إن اندماج محال الصيارفة حدث مرة واحدة على مستوى واسع وتكراره يعد كارثة على القطاع»، ويرى أن أي تفكير في هذا الاتجاه أمر لا يتمناه جميع الصيارفة ، وأكد عدم وجود بوادر لأي نوع من الاندماجات في السوق بعد أكبر اندماج بين الصيارفة، الذي كانت نتيجته إنشاء بنك البلاد، موضحا أن الاندماج يعده الصيارفة شرا عليهم ولا يتمنون حدوثه .

 وأضاف ملطاني قائلاً: «انعكاس الاندماج على سوق الصيارفة سلبي في الجمل على القطاع وعلى العاملين فيه، غير أن الاندماج يعد مؤشرا على الخسارةوهي غائبة بشكل كبير في قطاع الصيارفة، ولكن ربما تندمج بعض المحال الصغيرة للصيرفة مع المحال الكبيرة، ولكن ليس أكثر من ذلك»، بحسب تصريحاته لصحيفة «الاقتصادية».

ودلل شيخ الصيارفة على النجاح والأرباح التي تحققها شركات الصرافة السعودية بقوله : إن أرباح موسم العمرة تتراوح عادة ما بين 40 و50 مليون ريال يوميا، ولا تقل عن 35 مليون ريال، ويمتد الموسم حتى فترة الربيع التي تنشط فيها التبديلات بين السعوديين، حيث يرتفع فيها تبديل الدولار واليورو دون غيرهما من العملات، وينقص التنوع في العملات لأقصى حد، موضحا أنه في غير موسم الحج تتراجع أرباح محال الصرافة لأقصى الحدود، ليصل إجمالي أرباح جميع محال الصرافة إلى مليون و200 ألف ريال في اليوم الواحد، لافتا إلى أن موسم الحج هو الفترة التي تحقق فيها محال الصرافة أرباحها الموسمية.

وأوضح أن تبديل العملات يختلف بين الصرافين رغم أن الاعتماد الأول على مؤشر العملات وسعر الصرف فيه، وتنطوي هذه المهنة على العديد من الأسرار وتحتاج إلى الحنكة والخبرة لرفع الأرباح وجذب المكاسب الكبيرة، وكي ينجح العامل في القطاع يحتاج إلى معرفة قراءة السوق.

وأشار إلى أن توحيد أسعار التبديل ليس مطلبا للصيارفة، لأنه من الممكن أن ينهى المنافسة بين الصيارفة، ولكن هذا لا يمنع اعتماد الصيارفة على مؤشر الصرف في غالبية تعاملاتهم، مضيفا أن مؤسسة النقد نظمت أعمال الصرافة، فهي الجهة المختصة بإصدار التصاريح والمراقبة وقال: «الحقيقة لقينا تجاوبا كبيرا من مؤسسة النقد مع جميع الخطابات التي بعثناها لها، والتي حددت متطلباتنا».

تأثيرات سياسية واقتصادية 

وأشار «ملطاني» إلى أن أكثر ما يعانيه قطاع الصرافة في الوقت الحالي هو تذبذب سعر صرف اليورو الذي يتراجع يوما بعد يوم، وقد تسبب في خسائر كبيرة أثرت في عمل الصيارفة ووصلت الخسائر إلى نحو 7 %، وتبع اليورو الثمانية العملات التابعة له وعلى رأسها العملة السويدية والأسترالية والكندية، في حين يشتريه الصيارفة من الحجاج اليوم مثلا ويهبط غدا فيخسرون فيه، وأكد أن الأحداث الداخلية للمملكة لا تؤثر في قطاع الصرافة ولا في أرباح الصرافين، مبينا أن أكثر ما يؤثر في القطاع هي الأحداث السياسية والاقتصادية وانتشار الأمراض في الدول التي يأتي منها الحجاج، فهم المكسب الحقيقي لملاك المحال .

وأوضح شيخ الصيارفة أن سلة العملات التي كان يتم تداولها في سوق العملات تغيرت وتغير ترتيب العملات الأكثر صرفا بسبب التغيرات السياسية والاقتصادية والأمنية للدول التي يأتي منها الحجاج، فبعد أن كان الجنيه المصري الأكثر تبديلا لسنوات خلال مواسم الحج ويتصدر معدل عمليات الصرف، فقد شهد تراجعا كبيرا بعد الثورة المصرية، وتراجع عدد من العملات كالتركية والنيجرية والتشادية، وخرج عديد من العملات كالليرة السورية والدينار الليبي اللذين أوقف التعامل بهما ، وتراجع إنفاق حجاج بعض الدول وعمدوا إلى التقليل من المصروفات والقدوم قبيل الحج والسفر بعده مباشرة للحد من المصروفات وتقليل معدل الإنفاق كالحجاج الأردنيين والحجاج الخليجين الذين استبدلوا الأموال بالبطاقات الائتمانية، ولم يصل صرف العملات الخليجية نسبة 10% بينما تجنب عديد من الصيارفة التعامل مع الريال الإيراني لصعوبة تصريفه، فأصبح لا يتعامل به إلا الصيارفة الذين يستطيعون تصريفه، عن طريق بيعه إلى الحجاج الإيرانيين أنفسهم.

وتأتي عملات الأسواق الناشئة لتوجد لنفسها مكانا في مقدمة ترتيب العملات الأكثر تبديلا، مثل بعض العملات الآسيوية التي فرض وجودها حجاج تلك البلاد، حيث أتوا بعملات بلادهم الأصلية حتى اتخذت ترتيبا متقدما، حيث جاءت بعد الدولار واليورو مثل الروبية الإندونيسية والروبية الهندية، وقد حرصوا على القدوم بعملاتهم لارتفاع سعر الدولار في بلادهم وارتفاع الضربية عليه، مما يسبب ارتفاع سعر الصرف.

إهدار خبرات صيرفية

ومن أسوأ النتائج التي قد تترتب على الاندماج بين الشركات ومؤسسات الصرافة، هو إهدار خبرات كبيرة في مجال الصرافة يقوم على أكتافها قطاع كبير من نجاح هذه الشركات التي تمثل جزءاً لا يستهان به في الاقتصاد الوطني للمملكة، ويتمثل ذلك في لجوء الشركاء الجدد إلى الاستغناء عن جزء من العمالة وهو ما حدث في بعض مؤسسات الصرافة السعودية التي اندمجت وأسست بنك البلاد ، حيث تظلم أكثر من 1000 موظف من تأزم وضعهم الوظيفي بعد الاندماج .

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

19.9 مليار دولار قيمة صفقات الاندماج في دول الخليج خلال 2015

البنوك السعودية تفرض رسوما على العمليات عبر الصراف الآلي

البنوك السعودية تنفي فرض رسوم على عمليات السحب من الصراف الآلي

الاندماج والاستحواذ بالشرق الأوسط يحققان 4.7 مليار دولار

قواعد سعودية جديدة لتنظيم مزاولة أعمال الصرافة