النمسا تضطهد مسلميها تحت غطاء الإسلام السياسي

الثلاثاء 2 يناير 2018 03:01 ص

بدأت بوادر القلق والريبة تنتاب مسلمي النمسا، مع تحالف حزبي الشعب (يمين وسط)، والحرية (يمين متطرف) في البلاد، وتشكيل حكومة ائتلاف منتصف يناير/كانون الثاني الجاري؛ خشية على وضعهم الاجتماعي، وسط وعيد وتهديدات كان يطلقها متطرفون بحقهم، طيلة السنوات الماضية.

قلق المسلمين في النمسا لم يدم كثيرا، إذ تحول إلى واقع صادم لكنه متوقع، مع إصدار الحكومة الائتلافية الجديدة برنامجا لها، أكثر ما يميزه معاداة الأجانب واللاجئين والإسلام، وكل ما يمت إليه بصلة. 

لكن ما لم يكن متوقعا، بحسب خبراء هو تركيز الحكومة في برنامجها على مصطلح «الإسلام السياسي»، وتخصيص حيز كبير له، وسعيها إلى تركه مبهما ومطاطا؛ للتضييق من خلاله على حقوق وحريات المسلمين.

السياسة تتلاعب بمفاهيم الإسلام

«إبراهيم أولغون»، رئيس الجماعة الإسلامية في النمسا (حكومية تتبع لرئاسة الوزراء) أشار إلى أن سعي خبراء وزعماء سياسيين إلى إحداث ضجة من خلال مفاهيم مغلوطة عن الدين الإسلامي رغم جهلهم به، أدى إلى تشكيل مواقف سلبية داخل المجتمع تجاه المسلمين. 

وأضاف: «منذ مدة ونحن نلاحظ سعيهم من خلال اللعب بالمفاهيم والألفاظ، إلى تزييف الوعي ومعاداة الإسلام، فضلا عن زعزعة صورة المسلمين في المجتمع».

واستخدمت الحكومة الجديدة في برنامجها المكون من 180 صفحة كلمة «الإسلام» 21 مرة، جميعها في معاني سلبية تتصل بالإرهاب. 

وفسّر «أولغون» إصرار السلطات على الإشارة إلى المسلمين في صورة «مسألة أمنية» في برنامجها، بـ«محاولة تهميشهم عن المجتمع، واعتبارهم شريحة لا تنتمي إليه، ويجب الحذر منها دائما».

الاضطهاد ليس جديدا 

رئيس الجماعة الإسلامية أوضح أيضا أن اضطهاد المسلمين في النمسا ليس أمرا جديدا، رُغم كفالة الدستور النمساوي لحرية المعتقد، واعترافه بالإسلام كأحد أديان المواطنين.

وأضاف: «نلاحظ زيادة القيود على الحريات الدينية للمسلمين في البلاد، مع دخول "قانون الإسلام الجديد" حيز التنفيذ عام 2015».

ويتضمن «القانون الجديد» نقاطا مثيرة للجدل منها ترجمة ألمانية موحدة للقرآن الكريم، وحظر التمويل الخارجي للمنظمات والمراكز الإسلامية العاملة في النمسا، إضافةً إلى عدم السماح بتعليم الدين الإسلامي، سوى من جانب المنظمات الحكومية المعترف بها.

وتابع: «أما برنامج الحكومة الإئتلافية الجديدة فيسعى إلى تشديد الرقابة على المساجد والمنظمات الخيرية، ومدارس رياض الأطفال، والثانويات، والمؤسسات التابعة للمسلمين، لتقليل التأثير الخارجي عليها، واعتماد ترجمة محددة للقرآن الكريم». كما يشيرالبرنامج إلى إغلاق كافة الكيانات التي تتعارض مع القوانين.

المسلمون محط شبهات 

من جانبه، أكدّ «فريد حافظ»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج تاون الأمريكية، أن سياسة الحكومة النمساوية الجديدة تفرض رقابة على الطبقة الغنية، وتتجاهل وضع الطبقة الفقيرة، وتعادي المسلمين والمهاجرين والأجانب. 

وزاد بقوله «قضية الإسلام والمسلمين، سيطرت على حيز كبير في برنامج الحكومة، لكن رُغم ذلك، بقي مفهوم الإسلام السياسي مغلقا ومطاطا، وقابلا للتفسير بعدة أشكال حسب رغبة المسؤولين، لكن السلطات نجحت عن طريق هذا المفهوم بوضع كافة المسلمين تقريبا تحت الشبهات».

وتابع «مفهوم الإسلام السياسي سيجعل كافة المنظمات الإسلامية في البلاد، تحت نظر الحكومة الجديدة، ويستم استخدامه كأحد أنواع الأسلحة السياسية، وهذا أخطر ما في القضية».

ودلل على موقفه، بدعوة «هاينز فسمان»، وزير التعليم في الحكومة الجديدة، إلى ضرورة حظر الحجاب على معلمات المدارس المسلمات، رغم عدم ورود قضية الحجاب في برنامج الحكومة.

وأضاف: «هذه الممارسات تدفعنا إلى توخي الحذر تجاه قرارت الحكومة خلال المرحلة المقبلة؛ من أجل تنفيذ مزيد من التضييق على حقوق المواطنين المسلمين».

وفي وقت سابق، قال «هاينز» في تصريحات صحفية إنه يقف إلى جانب مفهوم الدولة العلمانية، وينبغي على المدرسات عدم ارتداء الحجاب، ما أثار حالة استياء وسط المسلمين.

وشدد «حافظ» على ضرورة وقوف المسلمين في النمسا ضد هذه الإجراءات وعدم السماح بتطبيق أية ممارسات تترتب عليه. 

وفاز حزب «الشعب» في الانتخابات البرلمانية التي جرت منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد حصوله على 31.5% من الأصوات، محتلا بها المركز الأول؛ بينما جاء حزب «الحرية»، في المرتبة الثالثة، بعد حصوله على نسبة 26%. ويبلغ عدد سكان النمسا تسعة ملايين نسمة، منهم قرابة 700 ألف مسلم.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

النمسا الإسلام الإسلام السياسي اضطهاد تطرف تضييق الإسلاموفوبيا أوروبا