تواترت أنباء وسط النشطاء والمتابعين، أن تأجيل تنفيذ جلسة حكم الجلد على الناشط السعودي «رائف بدوي» جاءت بسبب تدخل من العاهل السعودي الجديد الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، باعتبار أن المملكة ستشهد تغيُّرًا في سياساتها الداخلية والخارجية استجابة للضغط الدولي لوقف تنفيذ الحُكم. فيما اعتبر البعض أن التأجيل ناجم عن سوء وضع الحالة الجسدية للناشط الليبرالي السعودي ما دعا إلى إمهاله وقت أطول للتعافي.

وبحسب توصيات الطبيب، الجمعة قبل الماضية، فقد أرجِئت الدفعة الثانية من الجلد حينها، لأن الجروح الناجمة عن الدفعة الأولى من الجلد لم تندمل بدرجة تكفي لجلده مجددًا

كما أكدت «سمر بدوي» المقيمة في مدينة جدة، أمس الجمعة، بأن شقيقها لم يُجلد، لا في السجن ولا في العلن، فيما قال شهود عيان من الميدان العام الذي يتم فيه تطبيق العقوبة، بأن عملية الجلد لم تحدث. وخلافا للتأجيل الذي تم سابقا، لم يصدر أي تعليق رسمي، أو بيان للمنظمات الحقوقية.

ووفقًا لتقرير شبكة «سي إن إن»، فإن المؤشرات قد تشير إلى أن الملك «سلمان» يتبع مسار سلفه الملك «عبدالله»، وذلك بالتدخل لتأجيل الجلسة الأخيرة على الناشط السعودي، استجابة للضغوطات الدولية والعالمية المختلفة.

هذا وسبق أن نقلت منظمة العفو الدولية عن أحد شهود العيان الذي كان حاضرًا في جلسة يوم الجمعة 9 من يناير/كانون الثاني، والتي شهدت تنفيذ القسط الأول من عقوبة الجلد على الناشط السعودي «رائف بدوي» الذي حُكم عليه بالسجن 10 سنوات و1000 جًلدة بتهمة تأسيس موقع إلكتروني للنقاشات العامة، شهادته عّما رآه في مقرّ المُحاكمة. وذلك قبل أن يتم تسريب مقطع مصور يرصد جانب من عملية الجلد.

وقال الشاهد، الذي تحفّظت منظمة العفو الدولية عن كشف هويته لدواعٍ أمنية، قال أنه قد تم جلب «رائف بدوي» إلى ساحة أمام مسجد الجفالي بجدة بعد صلاة الجمعة، في ظل تواجد أمني كبير، قال أنه ليس لمرافقة «رائف» وحسب، وإنما أيضًا للتواجد في الشوارع والمناطق المحيطة بالمسجد. مشيرًا إلى أنه قد تم إغلاق بعض الطرق القريبة أيضا.

وقال شاهد العيان أن عناصر الشرطة رافقوا «رائف بدوي» من الحافلة، ووضعوه داخل الحلقة تحت حراسة 8 أو 9 من العساكر. وكان «رائف» مقيد اليدين والقدمين ولكن لم يكن وجهه مغطىً حيث استطاع الجميع رؤية وجهه. وأوضح المتحدث للمنظمة الحقوقية أنه قد تم توقيف «رائف» وسط الدائرة وهو لا يزال مقيد اليدين والرجلين، وكان يرتدي ما ظهر أنه سروال طويل وقميص.

واقترب أحد العساكر من خلفه حاملا عصاه الكبيرة وبدأ يضربه بها. و«رفع رائف رأسه نحو السماء وأغمض عينيه وتقوس ظهره. لقد كان صامتا ولكن يمكنك أن ترى من تعابير وجهه وجسده أنه كان يعاني ألما حقيقيا»، على حد قوله.

موضحًا أن الضابط قام بضرب «رائف» على ظهره وساقيه، وقام بإحصاء الجلدات إلى أن وصل العدد إلى 50 جلدة. حيث استغرق تنفيذ العقوبة حوالي 5 دقائق وكان الأمر سريعا لم يتخلله أي توقف أو استراحة.

ثم اقتيد «رائف» بعيدا إلى الحافلة في طريقه إلى السجن ثانية. ولم يستغرق المشهد بكامل تفاصيله أكثر من نصف ساعة فقط.

هذا وصدرت إدانات دولية واسعة للحكم على «بدوي»، الذي حكم عليه بألف جلدة والسجن عشر سنوات وغرامة لما قالت السلطات السعودية إنه «إساءة للدين».

وكان الناشط السعودي قد أسس موقع «الليبراليون السعوديون»، وهو منتدى على الانترنت لتشجيع الحوار عن الشؤون الدينية والسياسية في السعودية عام 2008.

وتتعرض الأسرة الحاكمة في السعودية لضغوط غربية بسبب جلد «بدوي»، مرة في الأسبوع حتى يكمل الألف جلدة التي حكمت عليه بها المحكمة.

ويرى محللون أن الأسرة الحاكمة، والعاهل الجديد خاصًة، يخشى من مخاطر استفزاز المحافظين في السعودية إذا لم تطبق العقوبة على «بدوي». في الوقت الي تحاول السلطات السعودية فيه حشد المحافظين الدينيين خلف حملتها ضد أنصار تنظيم القاعدة، وتنظيم «الدولة الإسلامية». لكنها أثارت الغضب في صفوفهم بسبب ما يصفونه بأنه رد فعل ضعيف على الرسوم الكرتونية التي وصفت بأنها مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتم نشرها عبر مجلة «تشارلي إيبدو» الفرنسية.

وأدانت جماعات حقوق الانسان الحكم الصادر على «بدوي»، وناشدت الولايات المتحدة السعودية «إبداء الرأفة»، وكان الحكم على «بدوي» أثار استياء دوليا، إذ وصفت منظمة العفو الدولية ومقرها بريطانيا جلده بـ«التجاهل البغيض» لمعظم المبادىء الأساسية لحقوق الإنسان

وقالت «هيومان رايتس ووتش» ومقرها الولايات المتحدة إنه على المسؤولين السعوديين الانشغال بإجراء الإصلاحات المُلحة، بدلاً من ملاحقة مُنتقديهم على شبكة الإنترنت.

ويستند القضاء السعودي على بنود من قانون مكافحة جرائم المعلوماتية الصادر في عام 2007 لتوجيه التهم لمواطنين عاديين بشأن تغريداتهم أو تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.