أكبر المعتقلات السياسيات بمصر.. نجلاء القليوبي تلحق بزوجها

الأحد 1 ديسمبر 2019 07:45 م

على مدى عقود عمرها التي جاوزت السبعين، ظلت الكاتبة والمفكرة "نجلاء القليوبي" تحفز السيدات على المواجهة والصمود أمام التحديات، ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي والفكر التغريبي، ورسمت بنفسها نموذجا ملهما للكثيرات، لكنها بعدما جاوزت السبعين وقفت أمام تحد للصمود والمقاومة، ليس ضد الاحتلال الإسرائيلي، وإنما أمام سلطات بلدها.

لعلها عندما عنونت إحدى مقالاتها "سيدتي.. نحن قادرون على المواجهة" عام 2007 لم تكن تدري أن لها موعدا مؤجلا مع المواجهة، ليس مع الاحتلال كما يقول مقالها.

بعد 6 سنوات، أبدت خلالها الناشطة النسوية الأمينة العامة المساعدة لحزب الاستقلال، صمودا في مؤازرة زوجها المعتقل رئيس الحزب "مجدي حسين"، لم يشفع لها سنها ولا صمودها، فازدادت عليها المحنة باعتقالها هي نفسها، بعدما جاوزت السبعين من عمرها.

وتعتبر "نجلاء القليوبي" أكبر المعتقلات السياسيات لدى النظام المصري، وفقا لما نقله موقع "الجزيرة.نت".

لكن الطبيبة المحجبة لا تنتمي إلى طبقة النسويات المرضي عنها من السلطات في مصر، لذلك لم يتحدث عنها أي منهم، رغم أن مقالاتها المناصرة للمرأة لم تنقطع على مدى عقود، كما أنها حفرت لنفسها بنشاطها السياسي موقعها الحزبي بجدارة واستحقاق، حسب تقدير مراقبين، ولعله كان أحد أسباب مواجهة النظام لها.

محنة "نجلاء" لا تبدو محددة المدة، فما إن دخلت دوامة الحبس الاحتياطي، حتى صار السيناريو الأقرب هو بقاؤها قيد الاحتجاز عامين دون محاكمة، وفقا للشائع بمصر، لكن السيناريوهات الأخرى من تجاوز مدة الحبس القانونية أو إحالتها إلى جلسات محاكمة طويلة تبقى واردة.

في الحادي والسبعين من عمرها، سيكون على "نجلاء" أن تواجه معاناة السجون التي شيبت شبابا وقتلت شيوخا، بدءا من منع الأدوية والعلاجات، ومرورا بمنع الزيارات، والاكتواء بلظى الحبس الانفرادي والإهمال الطبي، وتردي أماكن الاحتجاز وتكدسها، التي ما زال حقوقيون مصريون ودوليون يرصدون تزايدها في تقاريرهم.

ورغم أنها لم تكن تجربتها الوحيدة مع الاعتقال، حيث سبق أن اعتقلت خلال عهد الرئيس الأسبق "أنور السادات"، فإن ما كشفت عنه بعد أسبوعين من الإخفاء القسري بمقر أمن الدولة يشي بصدمة لم تتجاوزها بعد، حيث أصرت على إثبات تعرضها للتحقيق معصوبة العين، دون تقدير لسنها وكونها امرأة.

دعم زوجها

وقال الأمين العام المساعد لحزب الاستقلال، "ضياء الصاوي" إن السيدة "نجلاء القليوبي" لم تتوان خلال الأعوام الخمس الماضية، عن المطالبة بحرية زوجها وجميع المعتقلين السياسيين، لافتا إلى أنها كانت دائمة الزيارة له في مختلف السجون التي تنقل بينها.

ووصفها بأنها "أصدق مثال لمقولة وراء كل رجل عظيم امرأة"، حيث ظلت في مختلف المراحل منذ ارتبطت بزوجها "مجدي حسين" وهي تدعمه بكل وسائل الدعم، بل إن لها دورها النضالي المستقل الذي تتفرد به وبدأته منذ ريعان شبابها، بحسب "الجزيرة نت".

وكشف أن قوات الأمن التي نفذت أمر اعتقال السيدة "نجلاء" لم يأبهوا هم أيضا بسنها وضعفها، ففي فجر الثلاثاء 24 سبتمبر/أيلول الماضي، داهموا منزلها واقتادوها معصوبة العينين، لتمر كغيرها بمرحلة إخفاء قسري استمرت قرابة نصف شهر قبل ظهورها بنيابة أمن الدولة.

وعبر "الصاوي" القيادي بحزب الاستقلال استغرابه من إحدى التهم الموجهة لأمينة المرأة في الحزب، حيث أصرت النيابة على توجيه تهمة الانضمام لتيار الاستقلال، رغم كون الحزب معترف به من لجنة شؤون الأحزاب ويمارس عمله بشكل علني وقانوني.

همجية النظام

من جانبها، رأت مسؤولة الملف المصري في منظمة "هيومن رايتس مونيتور" "سلمى أشرف"، أن حالة "نجلاء القليوبي" تظهر "همجية النظام المصري" وانتهاكه جميع الحقوق والحريات، التي يصر فيها على منهجيته في تجاوز كل القيم والأعراف، وعدم التقدير لأي اعتبارات متعلقة بطبيعة وأحوال خصومه السياسيين.

وأشارت إلى أن العشوائية التي تتحرك بها أجهزة النظام الأمنية، هي ما جعلتها تعتقل سيدة سبعينية، حينما لم تراجع أوراقها، وغاب عنها اعتقالها لرئيس حزب الاستقلال "مجدي حسين" في 2014، فلم تشأ أن تعود خالية الوفاض حينما لم تجده في منزله.

وأكدت أنه من خلال متابعتها الحقوقية لاعتقال السيدة "نجلاء"، تبين لها أن النظام لم يراع سنها ولا طبيعة وضعها الصحي، واعتقلها دون أدلة أو سند قانوني يسمح له بهذا الفعل، وما زال مستمرا في اعتقالها رغم كل شيء.

وفي هذا السياق، أشارت إلى أن "نجلاء" ليست المسنة الوحيدة القابعة في سجون النظام المصري، حيث يوجد عدد منهن، سواء من المحبوسات على ذمة قضايا سياسية، كالمحامية "هدى عبدالمنعم" و"علا القرضاوي"، وجميعهن محرومات من أبسط حقوقهن من رعاية صحية ونفسية، ويتعرضن للقتل البطيء المتعمد.

اعتقال العائلات

بدوره، يرى مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان "علاء عبدالمنصف" أن اعتقال "نجلاء القليوبي" يأتي في سياق ما يعتمده النظام المصري من اعتقال عائلات دون تقدير لأي ظروف، حتى بات الأمر متكررا، وأصبحت السجون المصرية تحتضن الكثير من العائلات بجميع أفرادها.

هذه السياسة المتبعة من قبل النظام تأتي، حسب "عبدالمنصف"، في إطار الانتقام السياسي، الذي لا تفرق فيه السلطات في المعاملة بين رجل وامرأة أو كبير وصغير، فمختلف الشرائح تشملها دائرة هذا الانتقام، في ظل غياب كامل لمبدأ المحاسبة والمساءلة للأجهزة الأمنية فيما تمارسه من قمع وانتهاكات.

ويذهب "عبدالمنصف" إلى اعتبار تلك المعطيات ووضعها في الحسبان من قبل النظام المصري لا يتأتى إلا من خلال ضغط خارجي يمارسه المجتمع الدولي إن تراءى له ذلك، وهو ما يندر حصوله، مؤكدا أن مراعاة السن غائبة تماما عن عقلية النظام وأجهزته الأمنية في إطار المعادلة الصفرية التي ينتهجها.

المصدر | الخليج الجديد + الجزيرة نت

  كلمات مفتاحية

مجدي أحمد حسين

السلطات المصرية تواصل حملة اعتقال قيادات حزب الاستقلال

إسطنبول.. مظاهرة ضد الإعدامات وتضامنا مع المعتقلين بمصر

مجزرة سيارة الترحيلات كادت تتكرر في مصر.. ماذا حدث؟