تقرير حكومي يعترف بالتعذيب وتقييد الحريات العامة في مصر

السبت 7 مارس 2020 09:12 م

اعترف التقرير السنوي للمجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر (حكومي) بوجود تعذيب تمارسه السلطات المصرية، داعيا لتعديل تجريم التعذيب وسوء المعاملة في قانون العقوبات بهدف تغليظ العقوبات على المدانين بارتكاب جريمة التعذيب. وأقر في الوقت ذاته بوجود تقييد وتضييق على الحريات العامة في البلاد.

ودائما ما تنفي السلطات المصرية وجود تعذيب بحق المعتقلين والسجناء سواء داخل السجون أو مقار الاحتجاز، وتزعم من وقت لآخر أن الحريات غير مسبوقة في عهد الرئيس الحالي "عبدالفتاح السيسي".

وأوضح التقرير، الذي يُغطي الفترة من مايو/أيار 2018 حتى يوليو/تموز 2019، أن الفترة التي رصدها شهدت وقوع انتهاكات وتضييقات رغم ما وصفه بالمعالجات وتدابير المحاسبة المتخذة، منوها إلى أن "هناك فئات كثيرة من الضحايا لا تنطبق عليهم صفة المتهم، مثل المشتبه بهم أو أقارب المتهمين الذين يُستغلون للضغط على المتهم".

ولفت تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى أن "هناك أماكن احتجاز غير خاضعة لأي إشراف من جانب السلطات القضائية، مثل مستشفيات الأمراض العقلية"، مشدّدا في الوقت نفسه على "ضرورة استقلالية الطب الشرعي في ضوء دوره الحاسم في توجيه قضايا التعذيب وتزويده بالإمكانيات التي يحتاج إليها للنهوض بمسؤولياته".

وأكد أن "الحريات العامة في البلاد تعرضت لتضييق المجال العام خلال عامي 2016 و2017، من خلال تدابير وإجراءات ذات طبيعة تقييدية أوجدت إحساسا عاما بتراجع هامش الحريات على نحو كبير، ورغم اتخاذ عدد من الخطوات المهمة لمعالجة هذه الإشكاليات، ومن أهمها: تعديل قانون التظاهر، وإصدار قانون الجمعيات الأهلية، وتعديل قانون النقابات، وتشكيل المؤسسات الإعلامية، إلا أن البلاد بحاجة إلى مزيد من الإجراءات التي تؤكد إرادة معلنة للدولة بإفساح المجال أمام حريات التعبير والتجمع والتنظيم، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لمجلس النواب ومجلس الشيوخ والتمهيد لانتخابات المجالس المحلية".

وبشأن حرية الرأي والتعبير، أكد التقرير أن "الإجراءات المتخذة من جانب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تميل إلى تقييد الحريات، خاصة ما تجلى في لائحة الجزاءات التي وضعها المجلس، وتضمنت تعبيرات فضفاضة تتيح إمكانية سحب التراخيص ومنع البث والحجب للمؤسسات الإعلامية والمواقع الإلكترونية، وتدابير تفرض نوعا من الرقابة غير الصحية على ما يُتداول، واتخاذ إجراءات عملية في تفعيل ذلك من خلال حجب بعض الصحف والمواقع الإلكترونية".

وانتقد تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان عدم إصدار قانون حرية تداول المعلومات، مؤكدا أنه على الرغم من توافر مشروعين للقانون فلم يُنظر أي منهما من جانب مجلس الوزراء، كما لم يُطرح أي مشروع آخر على مجلس النواب، مما يشكل فجوة كبيرة في توفير مقومات حرية الرأي والتعبير.

وقال إنه رغم ما وصفها بالمكتسبات المهمة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، لا سيما معالجة الأعباء الاجتماعية الهائلة، فلا يزال هناك العديد من الاختلالات المرتبطة بتحديات تراكم تركة الماضي من ناحية، وتقديم مفهوم النمو الاقتصادي على أولويات التنمية الاجتماعية من ناحية أخرى، والتأخر في إجراء الانتخابات المحلية التي تتيح فرصة تعزيز مشاركة المرأة والشباب وذوي الإعاقة وتنمية الحياة السياسية في البلاد.

التعذيب

وبشأن الوفيات نتيجة التعذيب في مقار الاحتجاز، أكد التقرير أن المجلس تلقى عددا من شكاوى التعذيب، معبرا عن قلقه إزاء تراجع العقوبات المقضي بها بحق المدانين بجرائم التعذيب التي خلصت إليها بعض المحاكمات منذ نهاية عام 2018.

وجدّد التقرير دعوة المجلس القومي لحقوق الإنسان للسلطات المصرية إلى "تعديل تجريم التعذيب وسوء المعاملة في قانون العقوبات بهدف تغليظ العقوبات على المدانين بارتكاب جريمة التعذيب، وعدم جواز استخدام الرأفة للهبوط بمستوى العقوبات، وضرورة تنفيذ العقوبات التبعية التي تقضى بعزل الموظف العام من وظيفته حال الإدانة".

وأكد التقرير، الذي يستعرض حالة حقوق الإنسان، من خلال 4 فصول رئيسية، وهي الإطار القانوني، الحقوق المدنية والسياسية، الحريات العامة، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى التوصيات النهائية، أن "وتيرة تفعيل الالتزامات بحقوق الإنسان المدنية والسياسية ما زالت دون المأمول".

وزعم أن "البلاد شهدت خلال الفترة التي يغطيها التقرير تطورات مهمة على صعيد تعزيز حقوق الإنسان، خاصة على طريق الامتثال للالتزامات الدولية، وتفعيل الضمانات الدستورية، وتعزيز البنية المؤسساتية، وتكثيف المحاسبة على الانتهاكات، وتفاعل سلطات الدولة بصورة إيجابية مع جماعات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة".

واعتبر أن "الإرهاب يمثل تحديا رئيسا أمام حماية الحقوق الأساسية واحترامها خلال الفترة التي يغطيها التقرير، فقد استمرت الاختلالات بين احترام حقوق الإنسان وجهود مكافحة الإرهاب تشكل فجوة أساسية أمام الجهود المبذولة للتقدم في ملف حقوق الإنسان، بالإضافة إلى التحديات التقليدية الأخرى"، بحد قوله.

وقال: "رغم برامج الحماية الاجتماعية الممنوحة للطبقات الأشد فقرا ولضمان توفير دخل للأسر معدومة الدخل ومحدودة الدخل وتعزيز حجم الدعم العيني عبر دعم رغيف الخبز والسلع التموينية فقد شكل ارتفاع أسعار المحروقات عامل ضغط إضافي على الفئات الأشد فقرا لتأثيره في ارتفاع استخدامات الطاقة والنقل وتأثيره المنعكس على أسعار السلع"، مؤكدا أن إجراءات الحماية الاجتماعية المكثفة التي اتخذتها الدولة بتوفير العيش الكريم للمجتمع ليست على النحو المأمول.

وأردف: "بالإضافة إلى ذلك فإن ارتفاع أسعار المحروقات وتكلفة الخدمات الأساسية شكّل عاملا ضاغطا على فئات الطبقة المتوسطة، خاصة الفئات غير المشمولة في منظومة الدعم، لا سيما أنها تتحمل بصفة رئيسة تكلفة خدمات الصحة والتعليم عبر القطاع الخاص، وتسهم بالحصة الأكبر في حصيلة الضرائب العامة بصور جماعية وفردية".

وأوصى التقرير بعدد من التوصيات الجوهرية لسد الفجوات التشريعية وأوجه القصور في التصدي لجرائم التعذيب، من أبرزها: إدخال تعديلات تشريعية على مواد قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية وقانون السجون، فيما يتصل بتعريف جريمة التعذيب على نحو ما أوردت اتفاقية مناهضة التعذيب، وكذا أحكام محكمة النقض.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

وقائع تعذيب منع ممارسة التعذيب

6 منظمات حقوقية تدين تعذيب باحث في مصر

وفاة معارض مصري جراء التعذيب بأحد مقرات الأمن الوطني

سيناوي.. ضحية لتعذيب الأمن المصري حيا وميتا

تنديد حقوقي بالتعذيب الممنهج للمعتقلين في مصر

تقرير الحريات الأمريكي يوثق اعتقال وتعذيب وقتل للمعارضين بدول الخليج ومصر