هل تخضع السعودية لـ«صندوق النقد الدولي» بعد تراجع أسعار النفط؟

الأربعاء 16 سبتمبر 2015 10:09 ص

تراجعت أسعار النفط لما يقرب من 50% منذ منتصف 2014 لأسباب تتعلق بضعف الطلب من ناحية، وزيادة المعروض من ناحية أخرى، بعد زيادة إنتاج النفط في الولايات المتحدة مع زيادة إنتاج أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).

ورغم أن المنظمة سعت لخفض الإنتاج؛ في مسعى منها لرفع الأسعار، فقد أصرت السعودية على رفع الإنتاج، ما أدى لخفض الأسعار، وقد أثنى تقرير أخير لصندوق النقد الدولي على توجه المملكة العربية السعودية هذا، ووصفه بأنه «يحافظ على الاستقرار في الأسواق النفطية».

ولكن في تقريره الأخير الصادر يوم 10 سبتمبر/أيلول الجاري، قال صندوق النقد الدولي إن الهبوط الحاد في الإيرادات النفطية في المملكة العربية السعودية، مع التراجع المتواصل في أسعار النفط، من ناحية، واستمرار نمو نفقات المملكة من ناحية أخرى، «يمكن أن يسفرا عن عجز شديد في المالية العامة هذا العام وعلى المدى المتوسط، مما يقلص الاحتياطات الوقائية التي بنيت على مدار العقد الماضي»، تبعا للتقرير.

وأوصى تقرير «مشاورات المادة الرابعة» بإجراء ما أسماه بـ«تصحيح تدريجي ولكنه كبير في أوضاع المالية العامة باستخدام مزيج من التدابير على جانبي الإيرادات والنفقات»، على أن تتضمن تلك الإجراءات رفع أسعار الطاقة للحد من نمو الطلب المحلي عليها، وتقليص الإنفاق على الأجور وفرض ضريبة على القيمة المضافة والأراضي الفضاء والعقارات الأعلى ثمنا.

ويشير اصطلاح «مشاورات المادة الرابعة»، إلى تلك المادة من اتفاق تأسيس صندوق النقد الدولي، التي تنص على إجراء الصندوق مناقشات ثنائية مع البلدان الأعضاء-تتم عادة سنويا-متضمنة جمع فريق من الصندوق معلومات اقتصادية ومالية وإجراء مناقشات مع المسؤولين في البلد المعني قبل إصدار تقرير يساهم في مناقشات المجلس التنفيذي للصندوق في هذا السياق.

وأشار التقرير إلى أن «هبوط أسعار النفط بدأ يُحدث انخفاضًا كبيرًا في إيرادات التصدير والمالية العامة»، كما توقع أن «تسجل مالية الحكومة المركزية عجزًا قدره 19.5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2015، وأن يظل العجز مرتفعا على المدى المتوسط».

وقد توقع الصندوق أن يصل اعتماد المملكة الغنية نفطيًا على الإيرادات البترولية إلى 90.3% من إجمالي الإيرادات في الفترة بين 2010-2014، ولكنه قال إنه من المرجح أن يؤدي انخفاض الأسعار لتراجع النسبة إلى 80.9% بنهاية 2015، كما توقع الصندوق تراجع نسبة الصادرات النفطية إلى إجمالي الصادرات من السلع والخدمات من 82.9% إلى 73.8%.

هل السعودية على وشك «شد الأحزمة»؟

ومع تساؤل السعوديين، ومنهم الإعلامي السعودي «عبد العزيز قاسم»، عما إذا كانت المملكة بالفعل على وشك الإفلاس، ليستعد المواطن السعودي لمرحلة «شد الحزام»؟، أم أننا بخير وهي أمور طبيعية في حالة الحرب وانخفاض النفط ؟ ثار سؤال أخر هو: هل تدخل السعودية بيت الطاعة لصندوق النقد الدولي وتقبل شروطه التي تسببت في ثورات اجتماعية في الدول التي قبلت نصائحه؟!

ففي ظل الوفرة النفطية لم تكن الرياض بحاجة لأي نصائح من الصندوق حول اقتصادها، ولكن تقلص الإيرادات النفطية وتناقص احتياطها من العملة الأجنبية بأكثر من 60 مليار دولار حتى الآن هذا العام (يبلغ 672 مليار دولار بعد أن كان 737 مليار دولار في أغسطس/آب 2014)، وصعوبة السحب المستمر من رصيد الأجيال الاستراتيجي جعل الرياض تبدأ في قبول بعض وصايا الصندوق مثل رفع أسعار بعض الخدمات وتطبيق بعض الضرائب.

فوفقا لتقديرات صادرة عن صندوق النقد الدولي، ستشهد السعودية التي اعتادت على تسجيل فائض في الموازنة، عجز بقيمة 140 مليار دولار، ما يعادل ما نسبته 20% من الناتج المحلي الإجمالي.

 ويقول «تيم كالين» من صندوق النقد الدولي أن:«توحيد السياسة المالية للمملكة العربية السعودية سيكون لازما خلال السنوات القليلة المقبلة بهدف خفض العجز تدريجيا، وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي وكذا كفاءة الطاقة الشاملة وإصلاح الأسعار وزيادة الإيرادات غير النفطية. كلها ستكون بحاجة إلى تشكيل عناصر مركزية من استراتيجية التوحيد المالي».

ولذلك يطالب الخبراء بالتقشف وخفض الإنفاق الحكومي السعودي وأن يضطلع القطاع الخاص بدور أكبر وأن تتجه البلاد أيضا لتنويع اقتصادها بدلا من الاعتماد الرئيسي على النفط.

ومن المظاهر التي قد تدفع الرياض للدخول في طاعة الصندوق والقبول ببعض نصائحه أن الريال السعودي انخفض  لأدنى مستوى له أمام الدولار، وهناك مخاوف من اقتراب إفلاس السعودية بسب سحب السندات الاحتياطية من البنوك، فالعجز بلغ 560 مليار ريال.

أيضا حذر خبراء دوليون من أن السعودية لن تستطيع دفع رواتب موظفيها في حالة هبوط النفط إلى 30 دولارا.

الأزمة الاقتصادية وخلافات الأمراء

وكانت الأزمة الاقتصادية قد أشعلت الحرب الكلامية بين أعضاء الأسرة الحاكمة السعودية، وواصل الأمير «سعود بن سيف النصر» رعضو هيئة البيعة في السعودية، هجومه العنيف المركز علي ولي ولي العهد «محمد بن سلمان»، وما اعتبره «تبذيره لأموال المملكة في وقت الجميع يعلم أن البلد مقبل على أزمة اقتصادية خانقة»، بحسب تعبيره في سلسلة تغريدات يوم 21 أغسطس/آب

وقال الأمير: «هل يليق أن يكون القرار الاقتصادي بيد أسوأ شخصيتين في بعثرة الأموال وتضييع المقدرات؟»، وسرد تفاصيل عن إنفاق ولي العهد وولي ولي العهد أموالا باهظة لشراء قصور وأراضي في وقت تعاني فيه المملكة من أزمة اقتصادية بفعل الإنفاق من الاحتياطي.

ودعا «سعود بن سيف النصر» ‏إلى «وقفة جادة يبادر فيها عقلاء الأسرة والعلماء وأخيار الناس لرفض هذا الوضع الخطير والتصريح بتحميلهما المسؤولية»، معتبرا أن هذه السياسات الحالية تثقل كاهل المواطن و«تؤدي لرفع تكاليف المعيشة وفرض أنواع الرسوم والضرائب».

  كلمات مفتاحية

السعودية انخفاض أسعار النفط عجز الموازنة صندوق النقد أوبك

السعودية والكويت تؤيدان رفع الدعم عن بعض مشتقات النفط تدريجيا

السعودية: ارتفاع معدل التضخم السنوي في أغسطس 2.1 %

انعكاسات تمويل عجز الموازنة السعودية بالديون

«النقد الدولي» يحث السعودية على خفض دعم الطاقة وفاتورة الأجور

«صندوق النقد الدولي» يخفض توقعات نمو اقتصادات الخليج إلى 3.4% في 2015

«ستاندرد آند بورز»: عجز الموازنة السعودية قد يرتفع إلى 12% من الناتج المحلي لعام 2015

اقتصاديون: تقليص الإنفاق واللجوء للاحتياطي بدائل السعودية لتجنب عجز الموازنة

«جولدمان»: هبوط سعر النفط الأمريكي إلى 20 دولارا للبرميل خلال الـ15 عاما المقبلة

«إعمار» السعودية تمدد سداد قرض بقيمة 1.3 مليار دولار لخمس سنوات إضافية

الكويت تدعو إلى «الصبر» على أسعار النفط

«وول ستريت جورنال»: السعودية تخفض أسعار النفط مجددا وتشعل حرب الأسعار

صندوق النقد: السعودية تدرس إصلاحات مالية واسعة لمواجهة هبوط أسعار النفط

«صندوق النقد الدولي» يتوقع نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 3% نهاية العام الجاري

مديرة صندوق النقد: اقتصاد السعودية «قوي» ويستطيع مواجهة تحديات انخفاض النفط