ضعف التعويضات يفاقم الأزمة.. هدم منازل ميناء العريش يثير غضبا واسعا

السبت 27 مايو 2023 09:03 ص

في حي ميناء العريش في شمال سيناء، تهدم الحكومة المصرية منازل عدد من السكان بغرض توسعة ميناء العريش، ما أثار حالة من الغضب سواء في المنطقة، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

جاءت قرارات الإزالات وتنفيذها، بناء على قرار رئاسي يحمل رقم 465 لسنة 2021، وينص على أن "تُنقل تبعية ميناء العريش، ويعاد تخصيص كل الأراضي المحيطة بالميناء واللازمة لأعمال التطوير لصالح القوات المسلحة، وذلك بإجمالي مساحة 541.82 فدانًا".

تقول مديرة وحدة التوثيق بـ"سيناء لحقوق الإنسان" إيمان جاد، وهي منظمة حقوقية مقرها لندن، أن هذا القرار يؤثر على 28 ألف شخص، يمتلكون منازل في هذه المنطقة.

وأصدر أهالي حي الميناء بالفعل بيانا مصورا، أعلنوا فيه رفضهم إخلاء منازلهم، بسبب "عدم توفير أماكن بديلة للمراحل السابقة، وعدم صرف تعويضات مجزية، وعدم مصداقية المحافظ في نقل المعلومات للمسؤولين".

وقال الأهالي، إن "ما تم إزالته من مباني يكفي لعشر موانئ وليس ميناء واحدا".

وناشد الأهالي رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي بالتدخل السريع، معتبرين أن "أهالي ميناء العريش يعانون ويئنون، ولا يذوقون طعم الراحة منذ 3 سنوات، نريد قرارا سريعا بعدم هدم المنازل، لأننا لن نترك بيوتنا إلا إذا هدمت علينا".

كما شهدت مدينة العريش وقفات احتجاجية للسكان الذين يرفضون إخلاء منازلهم، تزامنا مع تنفيذ عمليات هدم واسعة تمهيدا لتوسعة الميناء.

وبث ناشطون وأصحاب المنازل، مقاطع فيديو عديدة أظهرت استمرار أعمال الهدم بواسطة حملات إزالة مدعومة بقوات أمنية كبيرة، أغلقت الشوارع ومنعت عبور الأهالي منها.

وندد الأهالي بما يجري معهم، لافتين إلى أن منازلهم صمدت أمام الصواريخ، فجاءت الحكومة لهدمها.

في وقت قال آخرون، إن اليهود لم يتعاملوا معهم بهذه الوحشية.

وتعلق إيمان على ما يجري للأهالي بالقول: "حين صدر القرار الرئاسي، أكد المحافظ عبدالفضيل شوشة، أنه لن يتم إخراج أي شخص من بيته إلا حين يحصل على التعويض أولا، ثم عاد وقال إن الأهالي يجب عليهم تسليم أصول ملكية الأرض ورخصة البناء، ورخصة توصيل مرافق، ورخصة تقسيم المحافظة، ثم تتم عملية الهدم ويتم الحصول على التعويض بعدها مباشرة".

وتتابع: "لكن ما يحدث أن الحملة الأمنية تأتي وتخلي المنطقة، ثم تقوم الأسرة بعمل تظلم على موقع إلكتروني تابع للحكومة خلال 48 ساعة من عملية الهدم، ثم يتم صرف التعويض خلال شهر إلى 3 أشهر".

وتزيد إيمان حديثها بالقول: "هؤلاء الناس يظلون بلا سكن لفترة.. وبعضهم يشرد لأنه لا يملك الأموال اللازمة لتأجير مسكن"، وذلك خلافا لحديث شوشة، الذي سبق أنه صرح بأنه يتم توفير مساكن بديلة لفترة تمتد لـ3 أو 4 أشهر.

وتشير كذلك إلى أن من يتم هدم منازلهم هم الأهالي التي سلمت أصول ملكيتها للأرض والمباني للحكومة، لافتة إلى أن "الناس الذين سلموا أوراقهم فعلوا ذلك، لأنهم خافوا من التهديدات التي تعرضوا لها، بأنه سيتم هدم منازلهم سواء رضوا أم لم يرضوا وأن من لم يسلم أوراقه لن يحصل على تعويض".

من جانبه، يقول سلامة سالم الرقيعى عضو مجلس النواب السابق عن شمال سيناء، إن "ميناء العريش تم تحويله من ميناء صيد إلى ميناء تجاري عام 1996، وحينها تم منح مساحة للتوسع شرقا بطول كيلومترين بقرار جمهوري".

ويضيف: "رغم القرار الجمهوري، بنى الأهالي مساكن على أجزاء من تلك المساحة المخصصه للميناء دون تنظيم، فأصبحت هناك تعديات لم يتم تداركها في حينه، ثم صدر قرار بتبعية الميناء للمنطقة الاقتصادية التابعه لقناة لسويس، ولحقه قرار آخر باعتبار الميناء ومحيطه من أراضي المنفعة العامة".

ويتابع: "كما هو معلوم فإن أراضي المنفعة العامة، حتى لو كانت أصلا ملكية خاصة، تستوجب النزع للمصلحة العامة ويتم تقديم التعويض المناسب".

ويرى الرقيعي أن "التعويضات حددت، عند صدور قرار المنفعة العامة بتقدير مناسب في ذلك الوقت.. ويسري التعويض على الجميع وفق ما تم حسابه وقتها".

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، قال محافظ شمال سيناء فى تصريحات صحفية، إن المرحلة الأولى من تطوير ميناء العريش تكلفت 8 مليارات جنيه (259 مليون دولار)، في الأعمال البحرية.

وأوضح: "قمنا بعمل حصر شامل للمبانى والمنشآت الموجودة بمنطقة الميناء وكانت نتيجة الحصر وجود 1108 منشآت سكنية، و32 مبنى تجاريا و23 منشأة حكومية بخلاف المنشآت الأخرى (..) وطبقا للقرار الجمهورى فإن المنشات الحكومية لا يتم صرف تعويضات عنها".

وأضاف أن "الجهة التي حددت قيمة التعويضات بمنطقة الميناء، هي هيئة الخدمات الحكومية، وجاءت تقديراتها أعلى من تقديرات المحافظة، إذ كان سعر المتر في الأراضي المسجلة بالشهر العقاري 1000 جنيه (32.38 دولارا)، وسعر متر أراضى التقسيم المعتمد من المحافظة 700 جنيه (22.67 دولارا)، وسعر المتر في الأراضى بعقد ابتدائي أو عرفي مع رخصة بناء 500 جنيه (16.19 دولارا)".

وبالنسبة للمباني السكنية، فقد قال المحافظ، إنه سيتم تعويض المواطنين على ماهو مبنى بالفعل، وليس على ماهو مثبت فى رخصة البناء.

وقال: "ستتم محاسبة أصحاب المبانى بسعر 3500 جنيه (113.33 دولارا) للمتر، أي أن شقة مساحتها 100 متر سيكون تعويضها 350 ألف جنيه (113.33 ألف دولار)، بخلاف سعر الأرض".

لكن إيمان ترى أن "الأزمة في أن قيمة التعويضات تم وضعها من قبل لجنة، قَيّمت المباني عام 2020، ثم حدث تعويم للجنيه مرتين على الأقل، منذ ذلك الحين (وفقد أكثر من نصف قيمته)".

وأضافت: "اعترض الناس معتبرين أن التعويضات هزيلة للغاية، واستعانوا بلجنة من نقابة المهندسين على حسابهم الشخصي وطلبوا منها تقييم سعر الأرض والبيت والزرع والشجر، وكان التقييم ضعف ما تم تحديده رسميا، على الأقل، لكن المحافظ حتى الآن غير معترف بهذا الأمر".

وأكدت أن عددا من الأهالي استلموا التعويضات، رغم أنهم كانوا معترضين، لكنهم لم يستطيعوا فعل شيء إلا أن يرفعوا دعاوى قضائية.

فيما نقل موقع "صدى البلد" (مقرب من السلطات)، عن محافظ شمال سيناء قوله إنه "سيتم منح 20% زيادة عن التعويض المقرر سابقا لسكان حي الميناء، لمن لم يصرف التعويض حتى الآن، سواء كان بالمرحلة الأولى أو الثانية أو الثالثة (..) وسنسعى لدى القيادة السياسية ليحصل الجميع على هذه الميزة ليتساوى الجميع".

وفي ظل هذا الصراع، أظهرت لقطات فيديو، نشرتها صفحة "الأهالي المتضررة من إنشاء ميناء العريش" على "فيسبوك"، تجمع عدد من أهالي شمال سيناء وهم يحتفلون بصدور حكم قضائي لأحدهم بوقف هدم وإزالة منزله.

لكن الحكومة نفت ذلك، لافتة إلى أنها ماضية في هدم المنازل وتعويض الأهالي، لاستكمال بناء الميناء.

يشار إلى أنه قبل صدور القرار الرئاسي رقم 465 لعام 2021، هدم الجيش أكثر من 12 ألفا و300 مبنى سكني وتجاري ما بين عامي 2013 و2020، حول العريش ومعبر رفح، على الحدود مع غزة، حسب منظمة "هيومن رايتس ووتش" التي استندت إلى وثائق رسمية وشهادات جمعتها بالتعاون مع مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان.

وسبق أن طالبت "رايتس ووتش" في بيان: "الحكومة المصرية أن توقف الطرد التعسفي والهدم، والإسراع بصرف التعويضات العادلة بشكل شفاف للجميع، وضمان عودة السكان المطرودين الى ديارهم في أسرع وقت ممكن".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر العريش ميناء العريش هدم منازل استغاثة