تباينت ردود أفعال الصحف المصرية، الصادرة اليوم، عن المظاهرات التي شهدتها القاهرة وعدد من المحافظات، فيما عرف باسم «جمعة الغضب»، والتي طالب فيها المحتجون بإسقاط السلطة الحالية، على خلفية توقيع اتفاقية تعيين الحدود المائية مع السعودية، وإعلان تبعية جزيرتي «تيران» و«صنافير» للمملكة.

في الوقت الذي اهتمت كثير من وكالات الأنباء العالمية بالمظاهرات، مشيرين إلى أنها تعيد إلى مصر أجواء ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وسط تجاهل تام لأغلب الصحف الخليجية، للمظاهرات.

صحف مصر

وتصدرت مظاهرات «جمعة الأرض»، مانشيتات صحف السبت المصرية، وكتبت صحيفة «المصري اليوم» الخاصة عنوانا، قال: «مظاهرات غاضبة وحصار أمني»، وتابعت: «مظاهرات جمعة الأرض ورفض الآلاف لتنازل مصر عن جزيرتي «صنافير» و«تيران» للسعودية، وكتبت «جمعة الأرض: مظاهرات غاضبة.. وحصار أمني»، وأضافت: «الآلاف يرفضون اتفاقية تيران وصنافير: الجزر دي مصرية»

فيما ذكرت صحيفة «الوطن» الخاصة عنوان: «مظاهرات محدودة في جمعة الأرض».. القبض على 83 متظاهرا.. واشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين بالجيزة والمنوفية.. ومؤيدو السيسي يتظاهرون بالإسكندرية».

أما في صحيفة «الشروق» الخاصة، فكتبت عنوانا قال: «الآلاف في جمعة الأرض: عيش.. حرية.. الجزر دي مصرية».

صحيفة «اليوم السابع» الخاصة، قالت: «وقفات احتجاجية ضد ترسيم الحدود.. تفريق مظاهرةإخوانية بالجيزة.. ومظاهرة بالمئات أمام الصحفيين».

أما الصحف الحكومية، المملوكة للدولة، فلم تشر إلى مظاهرات الأمس.

احتجاج عام

وكالة أنباء «أسوشيتيد برس»، قالت في تقرير لها، إن الاحتجاج، التي شهدتها مصر، كانت على الوضع العام في البلاد، وليس فقط على نقل تبعية جزيرتي «تيران» و«صنافير» للسعودية.

ووصفت الوكالة، المشهد أمام نقابة الصحفيين المصرية، خلال ترديد الهتافات المعادية للنظام، بأنها تعيد إلى الذكرى نفس الشعارات التي كان يرفعها المتظاهرون خلال ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.

موقع قناة «بي بي سي»، قال إن المتظاهرين طالبوا برحيل النظام السياسي الحالي، مكررين شعارات انتفاضة 25 يناير/ كانون الثاني عام 2011 التي طالبت بإسقاط النظام والحرية والكرامة الإنسانية.

وكالة الأنباء الفرنسية «أ ف ب»، اهتمت بخبر اعتقال السلطات عشرات المحتجين الذين خرجوا في مظاهرات الجمعة، بعد أن فرقتهم الشرطة مستخدمة الغاز المسيل للدموع، في القاهرة والإسكندرية.

أما وكالة «رويترز»، فقالت إن الآلاف الذين خرجوا أمس، طالبوا بإسقاط الحكومة مرددين هتافات من انتفاضة 2011.

وأشارت الوكالة إلى أن الاحتجاجات تظهر أن «السيسي» يواجه انتقادات متصاعدة في الوقت الحالي لم يعد يتمتع بالتأييد الشعبي الكاسح الذي أتاح له من قبل إلقاء القبض على آلاف من معارضيه، بعد أن أعلن عزل الرئيس السابق «محمد مرسي» في منتصف 2013.

وأضافت: «عددا متزايدا من المصريين بدأ ينفد صبره على السيسي، على ضوء استمرار الفساد والفقر والبطالة، وهي القضايا التي تسببت في الإطاحة بمبارك، كما بدا السيسي سلطويا بشكل متزايد في خطاباته»، بحسب الوكالة.

مكاسب اليوم

الموقع الإخباري لقناة «سي إن إن عربية»، أشار إلى تصدر وسم «جمعة الأرض»، موقع «تويتر» في العالم، بالتزامن مع احتجاجات مصر، تحت شعار «جمعة الأرض هي العرض»، موضحا أن آلاف المتظاهرين خرجوا في مناطق متفرقة بالقاهرة والمحافظات، مرددين هتافات سبق استخدامها في الاحتجاجات التي أدت إلى الإطاحة بالرئيسين السابقين «حسني مبارك» و«محمد مرسي»، مثل: «الشعب يريد إسقاط النظام» و«هو يمشي.. مش حنمشي» و«ارحل».

وبحسب الموقع، فإن أجواء «ثورة 25 يناير عادت للظهور مجددا في الاحتجاجات ضد التنازل عن الجزيرتين للسعودية».

ونقلت تغريدة للإعلامي المصري الساخر «باسم يوسف» قال فيها إنه يوجد عدة «دروس مستفادة بصرف النظر عن نهاية اليوم»، مضيفا: «أيوه ممكن يكون فيه حراك من غير شعارات الشرعية ومرسي راجع. وايوه ممكن الناس تنزل عشان مطالب إنسانية ومش عشان هتافات الإخوان. ففككم بقى من الشماعة بتاعة الإخوان».

كما نشر الموقع، تقريرا عن صفحة حزب «الحرية والعدالة» الذي يعتبر الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، قال فيه إن المكاسب تتلخص في، إنهاء ثنائية العسكر والإخوان، ثم استعادة الشارع لشرعيته ولهيبته، وكسر حاجز الخوف، واعتبار أن روح ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، ما زالت حية نابضة.

استمرار التظاهر

وكالة الأنباء التركية «الأناضول»، أشارت إلى إعلان جماعة الإخوان، دعمها لكل صور الاحتجاجات التي خرجت، مطالبة في الوقت ذاته بـ«الحشد»، لـ«إسقاط النظام».

في الوقت الذي نقلت عن حزب التحالف الشعبي «يساري»، قوله إن «الشعب المصري، يثبت اليوم قدرته على كسر أوهام الرئيس حول قدراته وقناعاته المبالغ فيها بشأن التفاف الشعب حوله، خاصة بعدما طالب بعدم الكلام حول جريمة التفريط في جزيرتي تيران وصنافير».

وأضاف البيان: «ويبعث الشعب برسالة واضحة لا لبس فيها للداخل والخارج، أنه لن يتنازل عن تحقيق أهداف الثورة».

كما أشارت إلى تصريح المحامي «خالد علي»، إلى العودة للتظاهر مرة أخرى في 25 أبريل/ نيسان الجاري.

ونقلت تغريدة للدكتور «يوسف القرضاوي»، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قائلا عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «اليوم صيحة جديدة من صيحات ثورة يناير، تنادي على الثوار أن يتكاتفوا من جديد ضد ظلم العباد وتضييع البلاد».

كما نقلت عن «جبهة الدفاع عن متظاهري مصر»، إن عدد معتقلي التجمعات المعارضة أمس، بلغ 110 شخصًا، وهو ذات الرقم الذي أعلنه مصدرين أمنيين لصحيفة «الأهرام الحكومية»، عبر موقعها الإلكتروني.

تجاهل وتجنب

الصحف السعودية، وفي مقدمتها الصحف ذات الطبعات الدولية، لم تشر من قريب أو بعيد، إلى مظاهرات «جمعة الأرض»، التي كان الدعوة إليها اعتراضا على إعلان مصر، توقيع اتفاقية مع المملكة، بتعيين الحدود المائية، ما يعطي للسعودية أحقية السيطرة على جزيرتي «تيران»، و«صنافير».

وسار على ذات النهج المتجاهل للمتظاهرات، الصحف الإماراتية، بينما ذكرت الصحف القطرية، إن المظاهرات كانت ضد نظام «السيسي»، ولم تذكر شيئا عن الجزيرتين.

قناة «الجزيرة» الفضائية القطرية، التي لم تذع أي فاعليات طوال يوم أمس، نشرت تقريرا مصورا، أشارت إلى فض قوات الشرطة، للمظاهرات المطالبة بإسقاط النظام.

التقرير أشار أيضا إلى الانسداد السياسي والغضب الشعبي المتصاعد من نظام يتهم بسوء الإدارة، في أكثر من ملف خارجي وبانكشاف داخلي، موضحا أن المظاهرات استعادت النبض الشعبي الجامع، ووصفت بأنها مهددة لرسوخ حكم «السيسي».

وكان آلاف الأشخاص، تجمعوا بمحيط نقابة الصحفيين «وسط القاهرة»، ومناطق أخرى بالعاصمة، وعدة محافظات، الجمعة، في مظاهرات أطلقوا عليها اسم «جمعة الأرض» لرفض ما أسموه »تنازل» سلطات بلادهم عن جزيرتي «تيران» و«صنافير»، تخللتها دعوات وهتافات برحيل الرئيس المصري »عبد الفتاح السيسي»، واشتباكات أمنية مع المحتجين في بعض المناطق.

وجاءت تظاهرات الجمعة، بعد عدة أيام تواصلت على مدارها، حالة الغضب في الشارع المصري، رفضًا لاتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، التي تم الإعلان عنها يوم الجمعة الماضي، والتي تنص على حق السعودية في ضم جزيرتي «صنافير» و«تيران» إلى أراضيها.